شوشرة: أكشن من ورق
قصف متواصل وحالة من الهلع والترقب، نيران تتطاير وأشلاء تتناثر، وعتمة تسيطر على كل حدب وصوب، وسط هذا يقود البطل طائرته ويتبعه نجوم الفيلم ليبدأوا قصف بعض المواقع، ويتحدث عبر أجهزة اللاسلكي ليعزز في نفوس الجميع الهمة ويشد عزيمتهم.المخرج يتابع والمنتج يساعد و"الكومبارس" يستعدون للمشاركة لعلهم ينجحون في الصعود إلى الأضواء. أجهزة الطيران تلتقط صورا وتسجيلات فيديو للمواقع وتتعرض لصواريخ الباتريوت ولكنها تراوغ. القنوات تتابع والمنتج يغرد ويهدد لإثارة الجمهور المتباعد، والعالم يصفق ويستنفر، ولكن المخرج يقرر وقف الفيلم بعد كل تلك المشاهد.دور السينما تستعد لنشر الفيلم والأكشن والخراب والدمار والدخان المتصاعد، فيخرج المنتج مبتسماً وضاحكاً ومدعياً نجاح المشاهد، والكومبارس مازالوا ينتظرون أدوارهم بعد الدعم والتأييد وتحديد المواقع والتنسيق المشترك مع الضحايا، ولكن في الواقع المر مازال الشعب هو الضحية، حيث يقتل ويهجر ويدمر ويشرد، والفيلم مستمر في عرض المشاهد والبطولات، والكومبارس مازالوا يصفقون ويغردون ويدعمون ويطبلون ويرقصون على الطاولات ويدفعون ثمن المشاهد والمتفجرات.
الأسد يتجول في الغابة ولم تنتزع أنيابه، وها هو يقتل كل من وقف أمام بابه والحاشية لاتزال تسيطر على كل نهاية، والمنتج يكشف في كل جولة عن دولة السيادة وأهدافها واختلاساتها لأموال السادة. الجميع ينتظر ما ستسفر عنه نهاية هذا الفيلم الذي لا يزال مستمرا، رغم الاجتماعات لوضع حد لمأساة المشاهد والمجازر ولكن دولة السادة لا تزال تسيطر كالعادة.هذا الفيلم هو الذي تتكرر مشاهده في عالمنا على الدوام، وما يحصل في سورية دلالة على أحد المشاهد الأخيرة من الفيلم الأميركي بتوقيع روسي واتفاق إسرائيلي وبدعم عربي والشعب هو الضحية، والمضحك والمبكي عندما تستهدف الضربات الجوية مواقع من ورق. الكل ينتظر انفراج الأزمة للشعب الضحية الذي عاش ويلات نظام مستبد مع جماعات قاتلة تدعي الدين، وأنظمة استباحت الدماء بحجة استهداف الرئيس وجماعته، والشعوب العربية كعادتها لا تستطيع سوى التنديد.إلى متى يستمر هذا الفيلم الذي لم تكتب نهايته، رغم أن شركات الإنتاج مستمرة في الدفع للمخرج الذي "شفط" المليارات واستخدم الخدع السينمائية في مشاهده من أجل جمع المزيد من الأموال.التوتر يزداد في بعض الدول العربية والقضية الفلسطينية لا تزال الشعار الذي نردده في كل قضية، ولا تزال هذه القضية في "خبر كان"، والأمان بات في عالم النسيان، واليمن صار في الهاوية، والعراق بين أنياب الشيطان، وخلافاتنا مستمرة وصراعاتنا مستبدة، والإخوان تحولوا إلى سوبرمان وطرزان، ومازلنا في هاوية النسيان.القنوات الفضائية لاتزال تنشر وتطارد الوهم والخيال، لعلها تكشف عن سبب استمرار البركان وتفشي ذلك الإدمان على الجوع والتشريد والمجازر واستمرار المزيد من الضحايا في فيلم "أكشن من ورق".آخر الكلام:المنتج والمخرج والمؤلف اجتمعوا وقرروا حتى الآن "اللا نهاية" والشعب يدفع ثمن الخيانة... والسطور لن تجد النور، لأننا في دوامة ومتاهة، عاشت فلسطين!