حصاد عام في حياة بيكاسو
![فوزي كريم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1498033753948674500/1498033754000/1280x960.jpg)
المعرض بأعماله المئة تنويع لا يكاد ينفد على ماري تيريز، العشيقة السرية، الشابة، المتعافية، من عين راصدة بالغة الحسية لفنان في الخمسين. الغريب، أن زوجته (أولغا) لم تكتشف هذه العلاقة طيلة سنوات، رغم صحبة ماري، حتى عام 1935، حين بدت الأخيرة حاملاً. كانت الزوجة، راقصة الباليه، صاحبة صالون اجتماعي كثير النشاط، إلى جانب انشغالها بتربية ولدها ﭘاولو.في القاعة الثانية نواجه حصاد شهري يناير وفبراير، الذي يدور، في ضرب من النشوة، حول مجموعة من لوحات بورتريت لامرأة شابة تستريح على كرسي، مع كتاب حيناً، وحيناً نائمة، أو مصغية للموسيقى. وهي صور مُتخيّلة في مجملها، لأن بيكاسو لم يكن يرسم عن موديل حيّ. واللوحات، رغم موضوعها الواحد، تختلف فيما بينها من حيث أسلوب التناول ومزاج الفنان النفسي. فأنت تجد هارموني اللون قد يتحول إلى تشويه سوريالي، وتجد الفتاة التي تبدو بالغة الحسية وهي في العمل التالي تنحرف إلى شكل كاريكاتيري، أو إلى شكل نحتي يكاد يقرب من الشكل المجرد. ولعل هذا التحول يعكس مزاج بيكاسو المضطرب، المعقد في علاقته مع المرأة، كما نقرأ عنها في سيرته.ثمة قاعة ننصرف فيها إلى أعمال نحتية لا تغادر الفتاة ماري تيريز، إذ لم تعد تُخطئها العين. فقد توافر لبيكاسو، بعد أن اشترى بيتاً ريفياً في "نورمندي"، متسع أرضي لنشاطه النحتي، ومتسع لخلواته السرية. والأعمال النحتية تكاد تكون نقلاً، بالنشوة ذاتها، لبورتريت الرسم. وثمة قاعة لأعمال أنجزها بالفحم على الورق.على امتداد شهور الصيف تطلع علينا ماري تيريز عارية على شاطئ البحر، تحت الشمس، أو تحت ضوء القمر، وبهيئات تعكس تحولات في مزاج الرجل الشهواني. لكن بيكاسو لا يتركها متعافية دائماً، فقد وضع أعمالاً صغيرة نسبياً، وهي في حالة متهالكة بين يدي المغيثين. كانت ماري تيريز قد سبحت في مياه نهر ملوث، فانهارت صحياً. بهذا المعنى كانت خاتمة العنوان، وخاتمة المعرض.