كيم يونغ أون يملك استراتيجية ضغط وتفاعل قصوى
طبّق كيم بقوة خلال السنوات السبع الأولى من حكمه، من شهر ديسمبر عام 2011 إلى ديسمبر عام 2018، نسخته الخاصة من "الضغط الأقصى"، فاختبر نحو 90 صاروخاً بالستياً وأجرى أربعاً من تجارب كوريا الشمالية النووية الست، شملت التجربة الكبرى التي قُدرت قوتها بمئة وخمسين كيلوطناً في شهر سبتمبر عام 2017. في الوقت عينه رفض محاولات الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، والصين للحوار، ممتنعاً عن لقاء أي رأس دول أجنبي، حتى عام 2018 بالتأكيد، فقد اتضح أن كيم لا يجيد ممارسة الضغط الأقصى فحسب، بل يتقن أيضاً التفاعل الأقصى.قبل بضعة أشهر كان العالم يستعد لحرب محتملة في شبه الجزيرة الكورية، لكن التقارير تشير اليوم إلى أن سيول وبيونغ يانغ تخططان لإعلان نهاية الحرب الكورية رسمياً مع دخولهما الأيام الأخيرة من التخطيط للقمة بين كيم يونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن.ولكن كيف انتقلنا من العدائية إلى العناق الحميم؟
أطلق خطاب كيم بمناسبة حلول العام الجديد، الذي عبّر فيه عن استعداده لتحسين الروابط بين الكوريتين، عملية أفضت إلى سيل حقيقي من التطورات الإيجابية، فأرسل أخته ورياضيين كوريين شماليين إلى الألعاب الأولمبية في بيونغ تشانغ في كوريا الجنوبية، كذلك أخبر كيم وفداً من مبعوثي كوريا الجنوبية أنه مستعد للتفكير في نزع الأسلحة النووية، وأنه يرغب في عقد قمم مع الرئيس مون وترامب، وفي رحلته الأولى المعروفة إلى خارج البلاد منذ تسلمه زمام السلطة في كوريا الشمالية، التقى كيم الرئيس الصيني تشي، ثم استضاف فنانين وموسيقيين صينيين وكوريين جنوبيين في كوريا الشمالية. بلقائه القادة الصينيين والكوريين الجنوبيين، سعى كيم إلى تحقيق عدد من الأهداف شملت على الأرجح تحديد أجندة لقائه مع ترامب في أواخر شهر مايو أو مطلع شهر يونيو، محاولاً الفوز بدعم سيول وبكين والتخفيف من شهيتهما إلى تطبيق العقوبات.خلال العقود الماضية، أثارت كوريا الشمالية غالباً مسألة عقد معاهدة سلام كي تجر واشنطن إلى نقاش معقد مطوّل بشأن القضايا غير النووية، علماً أن بيونغ يانغ تعتبر، على ما يبدو، أن هذه الخطوة تساهم في تعزيز موقف كوريا الشمالية كقوة متسلحة نووياً وتكسبها مكانة مرموقة بما أنها تتفاوض مع قوة عالمية. بالإضافة إلى ذلك يؤدي هذا النقاش دوراً في عرقلة تطبيق العقوبات، ويخفف من حدة المطالبات الدولية بشأن حقوق الإنسان، ويمنح الشمال الوقت ليواصل تقدّمه في برامجه العسكرية. أما إذا طُلب من الكوريين الشماليين العودة عن نشاطاتهم غير المشروعة وغير الإنسانية، فتسارع بيونغ يانغ في الغالب إلى مهاجمة واشنطن ومنتقديها لإلحاقهم الضرر بمحادثات السلام الهشة.أخيراً في السيناريو المستبعد الذي تثمر فيه محادثات السلام، ستطرح بيونغ يانغ، وبكين، وربما بعض الأوساط في سيول التساؤلات حول ضرورة نشر جنود أميركيين في شبه الجزيرة الكورية، كذلك ستعلو في المنطقة (وربما في الولايات المتحدة أيضاً) أصوات مَن يعتبرون ألا داعي لأن تبقى الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية أو اليابان لأن "السلام" قد أُنجز.ولكن يبقى الضغط الأقصى والتفاعل الأقصى، اللذان يطبقهما كيم، وجهين لعملة واحدة: استراتيجية هدفها الحفاظ على برنامجه للأسلحة النووية والمضي فيه قدماً، وإخراج الولايات المتحدة من شبه الجزيرة الكورية، والاحتفاظ بملاءمة استراتيجية في المنطقة، وربما محاولة توليد الظروف المؤاتية لتوحيد الكوريتين وفق شروطه. صحيح أن علينا دعم جو الدبلوماسية والتفاعل السائد اليوم، ولكن من الضروري ألا ننخدع بسهولة بهمسات كيم الناعمة عن السلام من دون أن نرى أعمالاً حقيقية ترافق وعوده.* «بروكينغز»