حلم جميل في واقع مستحيل!
مشروع تطوير الجُزر الكويتية هو عنوان المرحلة، ومضمون رؤية النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد للكويت في 2035. المشروع حلم جميل في واقع صعب، بل ربما مستحيل، فتحويل جُزر إلى منتجعات سياحية في مثلث رأس الخليج العربي، الغارق في الأصولية الدينية الجعفرية من شيراز إلى البصرة، وطبيعة المجتمع الكويتي المنغلق، أو الذي تم تحويله إلى التزمت والتشدد، يمثل مغامرة شديدة الخطورة.تكلفة المشروع التي يتم تداولها ضخمة جداً، وربما تساوي قيمة الاحتياطيات والاستثمارات الخارجية للكويت، كما أن الجهاز الإداري للدولة غير قادر على تبني مشاريع كبرى، حتى لو كانت مع مستثمرين محليين أو أجانب، وها هو الديوان الأميري يتدخل لتنفيذ مشاريع معينة للدولة، كما أن مشروعاً مثل مترو الكويت يُدرس في أجهزة الدولة منذ سبتمبر 2004، واستغرق البدء في بناء مطار جديد للكويت 13 عاماً، حتى تم وضع حجر الأساس للشروع في العمل.
أما طبيعة المجتمع الكويتي، فهي معوق كبير آخر لمثل هذه المشاريع السياحية الكبرى، فالمجتمع المشغول منذ أكثر من أسبوعين في صراع حول لبس الحجاب من عدمه هو بيئة غير قابلة لتلك النوعية من المشاريع، كما أن حالة الفساد في البلد التي تشير لها المنظمات الدولية، ستجعل المبالغ الضخمة المطلوب استثمارها في هذه المشاريع الكبرى عُرضة للتبديد والتنفيع والعمولات، وخلافه من مسارات الفساد في الدولة.لذا، فإن مشاريع ضخمة، مثل تلك، يجب أن يسبقها مشروع إصلاح سياسي وإداري شامل وجدي في البلد، وإعادة تأهيل للمجتمع الكويتي الذي خرَّبه الخطاب الأصولي الذي رعته الدولة لعقود طويلة ومازالت، وبخلاف ذلك سيكون مآل هذا الحلم الكبير الضياع وتبديد الأموال التي ستصرف عليه.كما يجب أن ندرس خياراتنا بجدية وتأنٍ، فهل الكويت تصلح لأن تكون نموذج سنغافورة كمركز ترانزيت وصناعات خفيفة وخدمات مالية، أو منتجع ترفيه وخدمات سياحية، كالمالديف أو بانكوك؟! أنا شخصياً ويشاركني الكثيرون في هذا الرأي نرى أن الكويت، بواقعها وظروفها الحالية، لا تصلح أن تكون مركزاً سياحياً وترفيهياً في المنطقة، والنموذج الأقرب لواقعنا هو نموذج سنغافورة، وإن كنت أتمنى أن يكون بلدي يوماً ما وجهة سياحية عالمية عندما تتوافر الظروف المواتية لذلك.