يحتدم التنافس في الانتخابات النيابية الأولى في العراق بعد دحر تنظيم داعش بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، وسلفه نوري المالكي قبل 4 سنوات، إلى جانب أبرز قادة قوات الحشد الشعبي التي كان لها دور حاسم في القضاء على الإرهابيين، هادي العامري.وبهدف تجنب عودة الدكتاتورية بعد سقوط صدام حسين، فإن على الفائز في الانتخابات المرتقبة في 12 مايو المقبل، أن يبرم تحالفات مع قوائم أخرى، شيعية أو سنية أو كردية، للحصول على غالبية برلمانية تضمن له تولي رئاسة الوزراء.
وينفرد اثنان من المتنافسين الثلاثة بالتباهي لكونهما مهندسا "النصر" على تنظيم داعش الذي سيطر عام 2014 على ثلث مساحة العراق. بعد ذلك، وصل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي (66 عاما) إلى السلطة في بلد كان على شفير الانهيار.وبدعم من المرجعية الدينية والمجتمع الدولي، أسكت حامل شهادة الهندسة المدنية من إحدى جامعات بريطانيا، العضو في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه سلفه المالكي، كل المشككين الذين انتقدوا قلة خبرته العسكرية وليونته في السياسة.واستطاع العبادي، إعادة الروح المعنوية لعشرات آلاف المقاتلين. وتمكنت القوات العراقية، بدعم من التحالف الدولي، من دحر "دولة الخلافة" من العراق، واستعادة السيطرة على مناطق متنازع عليها مع الأكراد، أبرزها محافظة كركوك.ويرى خبراء أن للعبادي الحظ الأوفر. ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في بغداد عصام الفيلي أن العبادي "لديه قاعدة جماهيرية تتجاوز الأطر التقليدية الطائفية والمذهبية والعرقية. لم تكن هناك إشارات فساد ضده ولديه خطاب رجل دولة". لكن مراقبين آخرين يشككون بقدرة العبادي على الإبقاء على توازن بين واشنطن وطهران، وفي قدرته على استقطاب أحزاب كردية بعد حسمه الخلاف مع إقليم كردستان بالقوة العسكرية.منافسه الرئيسي هو هادي العامري (64 عاما)، أحد أبرز القادة العسكريين لقوات الحشد الشعبي التي لعبت دورا بارزا في القضاء على الجماعات المسلحة.العامري الهادئ صاحب النظرات الباردة، يتحدر من محافظة ديالى، حاصل على إجازة في الإحصاء من جامعة بغداد. التجأ إلى إيران بعد إعدام نظام صدام حسين، محمد باقر الصدر عام 1980.يعد العامري اليوم رجل طهران، فهو الذي قاتل إلى جانب القوات الإيرانية خلال الحرب العراقية - الإيرانية (1980- 1988) ضمن منظمة بدر التي أُسست عام 1982، ولم يعد إلى العراق إلا بعد سقوط نظام صدام.وانتخب العامري بعد عودته نائبا في البرلمان، وعيّن وزيرا للنقل في حكومة المالكي (2010-2014)، ولم ينجح في تولي منصب وزير الداخلية في حكومة العبادي بسبب معارضة أميركية.بعد سيطرة "داعش" على ثلث العراق عام 2014، خلع العامري ثيابه المدنية ليرتدي الزي العسكري ويعود إلى خط الجبهة مع صديقه اللواء قاسم سليماني، قائد "قوة القدس" المسؤولة عن العمليات الخارجية في حرس الثورة الإيراني.ويرى الفيلي أن "العامري ينظر إليه على أنه الأقدر لأن يكون البديل المناسب في ما يتعلق بالخلاف في حزب الدعوة، ليصبح رئيس الوزراء المقبل، وينجح في بناء دولة مدنية، كما نجح في موضوع القيادة العسكرية". ويقول مراقبون إن العامري تمكّن من الحفاظ على خطوط اتصال واسعة مع الأميركيين وعمل معهم في بعض القضايا الحساسة، كما تمكن من إقامة علاقة مع السعودية من خلال وزير الداخلية الحالي قاسم الأعرجي الذي ينتمي الى "بدر".المنافس الأخير، نوري المالكي (68 عاما)، شغل منصب رئيس الوزراء ثمانية أعوام منذ 2006 حتى 2014، واتهمت حكومته من قبل البعض بالفساد وتهميش السنّة.ويرى الفيلي أن المالكي "يحاول تركيز جهوده على المناطق التي بها حزب الدعوة قويا، كما يلجأ إلى الفصائل الشيعية المسلحة بهدف البقاء تحت الأضواء".لكن بعض المراقبين يرون أن "فرص المالكي أصيبت بضربة قاصمة، لأن حقبته لم تترك ذكرى جيدة لدى العراقيين".
العبادي
في السياق، أجرى العبادي أمس جولة على منطقة الأنبار السنية في إطار جولاته الانتخابية وتفقد كامعة الأنبار ومشاريع إنمائية، كما افتتح مديرية شرطة العامرية. وفي كلمة، أشاد العبادي بصمود أبناء وعشائر المنطقة أمام هجمات عصابات "داعش"، مؤكدا أن "أمام النصر الثاني تحديا يتمثل بالفساد، فالفساد شقيق لداعش وسننتصر عليه مثلما انتصرنا على داعش".وقال المرشح عن الائتلاف ناظم الساعدي عن "ائتلاف النصر"، الذي يتزعمه العبادي، "تحركات بعض الأذرع للتدخل في الشأن العراقي، ومحاولة جعل العراق ساحة لتصفية الصراع ما بين إيران والسعودية، أمر مرفوض". وأضاف الساعدي أن "الشعب العراقي عانى الويلات كثيرا، وعلى تلك الدول أن تصفي حساباتها بعيدا عن العراق، أو تتعاون معه في مشروع بناء البلد وتشكيل حكومة تخدم هذا البلد أولا".وجدد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أمس دعوته الى تشكيل "حكومة أغلبية سياسية" بعد الانتخابات، مؤكدا في الوقت نفسه أن "لا أحد يستطيع أن ينفرد بالعراق".وشدد المالكي في كلمة خلال احتفال أقامته عشيرة السادة الياسرية في محافظة النجف بحضور المحافظ لؤي الياسري على "ضرورة المشاركة في الانتخابات من أجل تشكيل حكومة جديدة قادرة على النهوض بالواقع الخدمي والاقتصادي وحل جميع المشاكل التي تعترض مصلحة المواطن"، مبينا أن "الحكومة التي نسعى إليها هي حكومة أغلبية سياسية يشترك فيها جميع مكونات الشعب".وأشار الى أن "ما حصل من أزمات ستكون درساً للجميع، وعلينا الاستفادة من هذه التجربة، وتأكيد ألا أحد يستطيع أن ينفرد بالعراق".إلى ذلك، نفى ائتلاف دولة القانون أمس، صرفه 153 مليون دولار من أجل الدعاية والإعلان، معتبرا أن من يحاول إسقاط الائتلاف عبر فبركة هكذا أخبار، فهو يقدم خدمات مجانية له.حقائق عن المرشحين والناخبين وقانون الانتخاب
يصوّت العراقيون في 12 مايو المقبل لاختيار نوابهم، وفيما يلي الأرقام والمعلومات الرئيسة المتعلقة بهذه الانتخابات:• السكان: أكثر من 35 مليون نسمة.• الناخبون: أكثر من 24 مليوناً يتوزعون على 18 محافظة تمثل كل واحدة منها دائرة انتخابية، إضافة إلى العراقيين الذين يعيشون خارج البلاد وسيصوتون في 19 دولة.• المرشحون: 6982 بينهم 2014 امرأة.• مراكز الانتخاب: 8148 مركزا يصوت فيها عبر الاقتراع الإلكتروني، تم توزيع 11 مليون بطاقة انتخابية.• النازحون: 285 ألفا سيصوتون في 166 مركزا انتخابيا تتوزع على 70 مخيما في ثماني محافظات.• المقاعد: 329 مقعدا بينها تسعة للأقليات ممثلة بالمسيحيين والشبك والصابئة والإيزيديين والأكراد الفيلية، وتم تخصيص 83 مقعدا للنساء.• الفترة التشريعية للبرلمان: أربع سنوات.• طريقة التصويت: على أساس القائمة مغلقة ومفتوحة. يتم التصويت على القائمة المغلقة كاملة دون أي اختيار، أما المفتوحة فيتم التصويت عليها أو على مرشح أو عدد من المرشحين ثم توزع الأصوات على المرشحين وفقا لتسلسلهم داخل كل قائمة.• يشارك في الانتخابات 86 ائتلافا وقائمة، والرئيسية بينها:- ائتلاف "النصر": برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي.- ائتلاف "الفتح": يرأسه هادي العامري.- ائتلاف دولة القانون: برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.- قائمة "سائرون نحو الإصلاح": وهو تحالف غير مسبوق بين رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر والشيوعيين وشخصيات ليبرالية وأخرى تنتمي إلى عائلات لعبت دورا في العهد الملكي.• "ائتلاف الوطنية" بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي الذي يقدم نفسه كعلماني.