مم تخافون؟
في منهج اللغة العربية للصف العاشر درس بعنوان "الإسلام والكبت" يقوم على اقتباس كامل من كتاب "شبهات حول الإسلام" للأستاذ محمد قطب والذي يقول فيه "انظروا ماذا قال علماء النفس الغربيون عن الدين؟ قالوا إنه يكبت النشاط الحيوي للإنسان، ويظل ينكّد عليه حياته نتيجة الشعور بالإثم، ذلك الشعور الذي يستولي على المتدينين خاصة فيخيل لهم أن كل ما يصنعونه خطايا لا يطهرها إلا الامتناع عن ملذات الحياة. وقد ظلت أوروبا غارقة في الظلام طيلة تمسكها بالدين، فلما نبذت قيود الدين السخيفة، تحررت مشاعرها من الداخل، وانطلقت في عالم العمل والإنتاج" (214). ينطلق بعدها الموضوع في الدفاع عن الدين، في جزء منه هو دفاع طيب، ثم يأتي على ذكر الشيوعيين "الذين يسخر دعاتهم في الشرق الإسلامي بالصيام وغيره من الضوابط التي تدرب النفوس" (216). لا يبين الموضوع من هم الشيوعيون، وما تعريف توجههم ولا من هم تحديداً دعاتهم في الشرق الإسلامي، إنما يسترسل في دحض كلامهم المزعوم. ينتهي الدرس الى أسئلة في التقويم منها الآتي: "1. ما التهمة التي وجهها علماء النفس الغربيون الى الإسلام؟ 2. بم تفسر تجني هؤلاء العلماء على الدين الإسلامي؟" يتعلم الصغار في هذا الدرس أن هناك حرباً بيننا وبين الغرب، وتحديداً بيننا وبين علماء النفس عندهم، وبيننا وبين شيوعييهم (يبدو أن لهم علاقة بعلماء النفس تستدعي ذكرهم المفاجئ في الموضوع)، وأن هناك خطة ممنهجة عدائية ضد الدين، تحديداً الدين الإسلامي، يرتبها هؤلاء جميعاً بخبث وتربص.وفي درس القرآن للصف العاشر ذاته والذي هو بعنوان "اليهود الأشرار" يتعلم الصغار أن الله يلعن اليهود "بسبب عصيانهم لله- تعالى- ورسله، وترك الواجبات، وفعل المحرمات، واعتدائهم على الدين: بالتحريف والتبديل والغلو والابتداع، وبقتل الأنبياء والصالحين منهم..."(105). التعابير ذاتها تتكرر بين صفحات المناهج، لغة عربية، تربية إسلامية وقرآن، وعلى امتداد سنوات التعليم وخصوصاً في المراحل من التاسع إلى الثاني عشر والتي تتناول اليهود و"النصارى" والغربيين والكفار والمشركين (والذين هم في الغالب يهود ونصارى وغربيون)، بتعابير عدائية وتحريض واضح، مع التأكيد على إعلاء المسلمين عما عداهم وتثبيت فكرة أن دينهم في حرب مستمرة مع كل من وما يخالفه.
نبحث كثيراً عن سبب مشاكلنا، نلف وندور ونحلل ونمحص، وكل ما علينا أن نفعله هو أن نفتح كتب المناهج ونقرأ بعضاً من مادتها، مناهج تكفر تقريباً كل غير المسلمين، تعادي كل غير المسلمين، تعلن النساء أشد فتن الدنيا، تحرم التعامل مع البنوك وتحرم استعمال البطاقات الائتمانية، تحرم الديمقراطية بأكملها (في درس حول الديمقراطية والشورى)، تخصص فصولاً حول الجن، وغيره الكثير الغريب المريب، وتنتهي إلى منع تدريس نظرية داروين (يتم تدبيس الفصل المعني بالنظرية في كتب الطلبة التي تأتي من الخارج لمناهج المدارس الخاصة)، لتخلق إنساناً مشوشاً مستريباً متناقضاً مشدوداً في دولة تقول وزارة تربيتها شيئاً وتفعل بقية مؤسساتها شيئاً آخر مخالفاً تماماً. بوضوح ومباشرة: لماذا لا يتغير هذا الوضع؟ ما الذي يكبل يد الحكومة في موضوع تعديل المناهج مع كل الادعاءات القائمة بهبوط أسهم الإسلاميين وضعف قواهم السياسية الحالية؟ أي تحالفات مازالت تعقد في الخفاء يدفع الشارع ثمنها من تفكير أبنائه ومستقبلهم؟