ما المقصود بهذا؟!
غريب أن تدفع الولايات المتحدة في عهد هذه الإدارة العرب والمسلمين وبعض المسيحيين أيضاً دفعاً إلى كرهها، واتخاذ مواقف عدائية متصاعدة ضدها، فإلغاء وزارة خارجيتها مصطلح "الأراضي المحتلة"، واستبداله بمصطلح "الضفة الغربية وقطاع غزة" أثار شكوكاً كثيرة، اللهم إلا إذا أرادت بهذا "التغيير" التمهيد للاعتراف بدولة فلسطينية تحت الاحتلال حسب قرار الأمم المتحدة، ولعل ما هو غير واضح وغير مفهوم أن الخارجية الأميركية قد وصفت هذا التغيير بأنه "تقني" تم تبنيه في الشهور الأخيرة.وحقيقة أنه كان من الممكن ألا يثير هذا "التغيير" أي تساؤل لو أن الرئيس دونالد ترامب لم يتخذ ذلك القرار "الأرعن" حقاً بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل ونقل سفارة بلده، الولايات المتحدة، من تل أبيب إليها، وهذا ليس من حقه، خاصة أن الأمم المتحدة اعترفت بالسلطة الوطنية الفلسطينية دولة تحت الاحتلال، وحيث القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي التي احتلت عام 1967.
كان على الخارجية الأميركية إيضاح القصد من هذا "التغيير"، فالقول بأنه "تقني" لا يكفي، واستبدال مصطلح الأراضي المحتلة بمصطلح الضفة الغربية وقطاع غزة في مجال الحديث عن حقوق الإنسان في العالم يثير الكثير من الشكوك والتساؤلات، خاصة أن ترامب كان قد اتخذ هذا القرار الآنف الذكر بالنسبة للمدينة الفلسطينية المقدسة، والمثل يقول "إن قريص الحيَّة يخشى جرَّة الحبل"، واللافت أيضاً أن هذا التغيير الأميركي ذكر هضبة الجولان السورية بدون وصف "المحتلة"، الذي بقي مستخدماً منذ احتلال عام 1967، وعملياً حتى الآن!غير مفهوم ما تقصده الخارجية الأميركية عندما تصف هذا "التغيير" بأنه "تقني"، في حين أن الواضح أنه سياسي، وأنه استكمال لقرار دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس كلها (الغربية والشرقية) بأنها عاصمة إسرائيل الأبدية الموحدة، فعدم الإبقاء على وصف الضفة الغربية، وهضبة الجولان، بأنهما محتلتان لا يمكن أن يفهم، رغم حكاية الـ"تقني" هذه، إلا أن أميركا باتت تعتبرهما إسرائيليتين وجزءاً من الدولة الإسرائيلية التي كانت أنشئت بمؤامرة دولية في عام 1948 على جزء من الوطن الفلسطيني والأراضي الفلسطينية.وعليه يجب أن تدرك الولايات المتحدة، ممثلة في وزارة خارجيتها، أن هذه الألاعيب لم تعد تنطلي لا على الفلسطينيين ولا على العرب بصورة عامة ولا على كل معني وصاحب ضمير حي في العالم بأسره، فالموقف الأميركي يجب أن يكون واضحاً ومنصفاً تجاه هذا الصراع المحتدم في هذه المنطقة المشتعلة، الذي لا يمكن أن ينتهي لا بسبعين عاماً ولا بألف عام، ما دام الشعب الفلسطيني لم يقم دولته المستقلة على الأراضي التي في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وما دامت هضبة الجولان حتى مياه بحيرة طبريا بقيت محتلة ولم تستعدها سورية، وتعود كلها إلى الشعب السوري صاحب هذا الحق الذي لن يموت طالما أن وراءه "مطالباً".