اعتباراً من الأول من أبريل الجاري توقفت الحكومة الموقرة عن توفير الصحف اليومية للقياديين في الدولة، وذلك لأجل ترشيد الإنفاق، واختيار التاريخ لا علاقة له بكذبة أبريل إنما يرتبط ببداية السنة المالية للميزانية الحكومية، وكانت الحكومة الموقرة خلال السنوات الماضية توفر صحيفتين يومياً لكل مسؤول من درجة مدير إدارة وأعلى، وهذا يعني 200 فلس يومياً لكل مسؤول، ومجموعها ديناران و400 فلس شهرياً، وما يعادل 30 ديناراً سنوياً، ولو افترضنا أن عدد من استفاد من هذه الميزة الحكومية المخملية عشرة آلاف مسؤول فهذا يعني توفير مبلغ وقدره 300 ألف دينار، وهي بالضبط قيمة برنامج "الطبخ في رمضان" الذي يعرضه تلفزيون الكويت، وتمت الإشارة إليه في استجواب وزير الإعلام الأسبق يناير 2017، وكذلك قيمة العقد الفكاهي لوزارة التربية بتوزيع "الفلاش ميموري" على الطلبة قبل سنوات. إذا صمدت الحكومة الموقرة في هذا القرار الحيوي ولم تتراجع عنه تحت أي ضغوط فإنها ستحتاج ٤٠ سنة لتعويض خسائر البلد من مصاريف هدايا وضيافة وورود وزارة الداخلية التي صرفتها خلال عام واحد فقط في سنة 2015 ، وبعدها ستحتاج الحكومة الموقرة ٥٠ سنة إضافية أيضاً لتعويض خسائر عقد استئجار وزارة التربية لأجهزة التابليت قبل إلغاء المشروع هذا العام.
لا بد من تشجيع سياسات الحكومة نحو الترشيد وإيقاف الهدر والاستهتار بالمال العام، لكن من الواجب أيضاً إرشاد الحكومة إلى منابع الهدر الحقيقية ومواطن الاستهتار الفعلية في صرف المال العام بدلاً من إضاعة الجهد والوقت في ملاحقة فتافيت المصروفات الحكومية وغض الطرف عن جبالها الضائعة.ماذا تفعل حكومة الكويت بتوفير 200 فلس يومياً من كل مسؤول، وعندها في الوقت نفسه مصروفات بحساب العهد تجاوزت ٦ مليارات دينار، ومضى عليها سنوات طويلة وما زالت الحكومة الموقرة بوزارتها المالية وأجهزتها الرقابية وخططها التنموية تعجز عن تسوية وإغلاق هذا الملف الأعجوبة؟ ماذا تفعل الحكومة بتوفير 200 فلس يومياً وعندها مناقصات إنشائية تنفذ بأضعاف قيمتها الفعلية، ولديها عقود توريدات توقع بزيادات خيالية؟ ماذا تفعل الحكومة بتوفير 200 فلس يومياً وعندها خسائر محققة أو دفترية في صناديق الاستثمار بالملايين سنوياً؟ ماذا تفعل الحكومة بتوفير 200 فلس يومياً وعندها فاتورة العلاج في الخارج وبعهد وزير واحد فقط قد تجاوزت 700 مليون دينار؟ هل تحتاجون أن نعدد لكم الأمثلة الفاحشة بإضاعة المال أم أنكم تعرفونها مثلنا وأكثر؟ مشكلتكم عظيمة ومشكلتنا فيكم أعظم، و"شرقنا فيكم واللي يشرق في الماي شيدفعه فيه". والله الموفق.
مقالات
نبشركم: الحكومة وفرت 200 فلس من كل قيادي
24-04-2018