بعد أيام من إشادة الرئيس الإيراني حسن روحاني بالجيش، وانتقاده ضمنا الحرس الثوري لتدخله في السياسة والاقتصاد، بدأت تتبلور ملامح جبهة داخلية بمباركة المرشد الأعلى علي خامنئي تتبنى مسارا متشددا يركز على وحدة الصف ومواجهة «محاولات احداث فتنة داخلية» استعدادا لانهيار مرتقب للاتفاق النووي، وهو ما يجعل نهج الرئيس المنتخب لإصلاح «تشوهات الاقتصاد» والتصالح مع الغرب في حالة شلل.

وغداة إشادة خامنئي بـ«المواقف الثورية والداعية للوحدة» التي أطلقها قائد الجيش اللواء عبدالرحيم موسوي، الذي رفض وصف إشارة روحاني بنزاهة الجيش بأنها «فتنة»، التقى قائد الجيش مع قائد الحرس اللواء محمد جعفري واتفقا على تنفيذ «الإجراءات المشتركة في إطار تحقيق أهداف الردع وارتقاء الجاهزية الدفاعية لمواجهة التهديدات المحتملة ضد مصالح البلاد».

Ad

وشدد موسوي وجعفري، خلال اللقاء، على أن «التنسيق ودعم القوتين في أداء مهامهما الموكولة في ظل توجيهات المرشد الأعلى، يزرعان اليأس في قلب الأعداء ويقطعان محاولاتهم لبث الفرقة في القوات المسلحة وإضعاف القدرات الدفاعية في البلاد».

وجاءت مواقف المسؤولين الثلاثة الرافضة لانتقادات روحاني، في وقت يواجه الأخير هجوما وانتقادات لاذعة من جانب التيار الإصلاحي وسط تصاعد السخط الشعبي جراء تدهور الوضع المعيشي وزيادة الأسعار، بعد تدني قيمة العملة المحلية مقابل الدولار مع قرب انتهاء مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران وإعادة فرض عقوبات اقتصادية عليها.

إقناع وسيناريوهات

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على «تويتر» إن على الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي إقناع الرئيس الأميركي بعدم الانسحاب من الاتفاق.

وكتب على حسابه: «إما كل شيء أو لا شيء. على الزعماء الأوربيين تشجيع ترامب ليس فقط على البقاء في الاتفاق، ولكن الأهم على البدء في تنفيذ جانبه من الاتفاق بنية صادقة».

واعتبر ظريف أن «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصيب في قوله إنه لا يوجد بديل لخطة العمل المشتركة الشاملة» للاتفاق النووي.

وتحدث ظريف، في حوار مع مجلة «نيويوركر» الأميركية، عن ثلاثة سيناريوهات محتملة أمام بلاده في حال انسحاب واشنطن.

وقال ظريف: «إذا أرادت أميركا القضاء على الاتفاق النووي، فهي لديها هذا الخيار، ولكن يجب أن تواجه تداعياته»، مضيفاً: «ما هو مهم لإيران تحقيق منافع الاتفاق، فإيران لديها ثلاثة سيناريوهات في حال انسحاب ترامب، الأول أن تنسحب من الاتفاق النووي أيضاً، وأن تنهي التزامها بمضمون الاتفاق وتستأنف تخصيب اليورانيوم، لا يجب أن تتوهم واشنطن أبداً أن إيران تسعى وراء القنبلة الذرية، ولكن سنسعى وراء التخصيب بقوة».

وتابع: «السيناريو الثاني، يستخلص من آلية الخلاف والنزاع في الاتفاق النووي، حيث تسمح لجميع الأطراف بتقديم شكوى رسمية في اللجنة التي شكلت للبت في انتهاك مضمون الاتفاق، إذ إن إيران قدمت حتى الآن 11 شكوى إلى اللجنة، وتم إبلاغ مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فريدريكا موغريني التي تترأس اللجنة، بحالات الانتهاك التي قامت بها واشنطن، بهدف إعادتها إلى الالتزام بمضمون الاتفاق».

ولفت ظريف إلى أن «السيناريو الثالث هو الأكثر جدية وقوة، حيث إن إيران من المحتمل أن تتخذ القرار بشأن الانسحاب من معاهدة ان بي تي، للحد من انتشار الأسلحة النووية».

ماكرون وبوتين

في هذه الأثناء، أفاد الكرملين، في بيان، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفرنسي اتفقا، خلال مكالمة هاتفية أمس، على ضرورة استمرار الاتفاق النووي الإيراني.

وجاء الاتصال في وقت يستعد ماكرون للقاء الرئيس دونالد ترامب في واشنطن، قبل أقل من شهر على حلول موعد انتهاء مهلته التي منحها للأوروبيين لإصلاح عيوب الاتفاق النووي أو الانسحاب منه وإعادة فرض عقوبات أميركية على طهران.

وستشكل مسألة إبقاء الاتفاق النووي الإيراني الموضوع الرئيسي لزيارة ماكرون، التي بدأت أمس وتستمر حتى غداً، حيث سيطلب من ترامب الابقاء على المعاهدة، «طالما أنه ليس هناك من خيار أفضل».

وكان ماكرون قال، أمس الأول، إنه ليس لديه «خطة بديلة» للاتفاق مع إيران وإن الولايات المتحدة يجب أن تظل ضمنه.

مجموعة السبع

في موازاة ذلك، قال مسؤول أميركي كبير إن وزراء مجموعة السبع ناقشوا الملف النووي الإيراني، وبذلوا جهودا للتوصل الى اتفاق تكميلي فيما اجمعوا في الوقت نفسه على أن استمرار تطوير طهران لبرامج الاسلحة البالستية أمر غير مقبول.

واختتم وزراء الخارجية، أمس، اجتماعهم الذي افتتح أمس الأول في تورونتو بكندا. وشهدت المناقشات توجيه وزراء على رأسهم الفرنسي جان ايف لودريان أمام وزير الخارجية الأميركي بالوكالة جون ساليفان «دعوة قوية جداً» إلى واشنطن «حتى لا تتخلى عن الاتفاق»، لأن ذلك «يمكن أن يمنح الإيرانيين ذريعة لانسحاب قد تكون عواقبه كارثية». غير أن المسؤول الأميركي الكبير قال: «حققناً تقدماً كبيراً» في الأشهر الأخيرة مع الأوروبيين «لكن لم ننجز الأمر بعد».

وتتألف مجموعة السبع من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا واليابان وكندا.