مجموعة انعكاس
يشهد التاريخ الفكري والثقافي والفني، وتاريخ العمل الاجتماعي في الكويت، أن المبادرة الشخصية كانت واحدة من أهم أسس النهضة في الكويت، وكانت على الدوام رأس حربة للعمل التطوعي الإنساني الذي جُبِل عليه أهل الكويت، حتى أصبح سمة أساسية من سمات دولة الكويت، على المستويين الشعبي والرسمي، محلياً وخليجياً وعربياً وعالمياً. وما فكرة إنشاء "المدرسة المباركية" التي انطلقت من ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي عام 1911، وكذلك "الجمعية الخيرية، التي أسسها فرحان خالد الخضير، عام 1913، وتالياً "المدرسة الأحمدية"، عام 1921 و"النادي الأدبي" عام 1924، وحتى مساهمة ودور الشاعر أحمد السقاف في السعي لتأسيس "مجلة العربي" بمجيء رئيس تحريرها الأول الدكتور أحمد زكي عاكف، وانطلاق عددها الأول في شهر ديسمبر 1958، إلا جزء من مبادرات كثيرة رسمت خاصية للمجتمع الكويتي، في حضور المبادرة الشخصية، فردية كانت أو جماعية، وكم يحمل الأمر دلالته المفرحة، بأن هذه المبادرات لم تزل قائمة وفي مختلف مناحي الحياة، وما مبادرة الصديق العزيز الفنان والنحات سامي محمد بتأسيس مجموعة "انعكاس"، إلا امتداد عصري لتلك الروح الخيّرة.مجموعة "انعكاس"، وكما جاء في نشرة تأسيسها، هي "مرجعية ثقافية تهدف إلى تطوير ورقي الوعي العام بأهمية الثقافة والفنون، وتحييد كل ما من شأنه التأثير السلبي على ذاكرة الناس تجاه تاريخ بلدهم الثقافي والفني".
وفي لقائي مع الصديق سامي محمد للحديث حول المجموعة، تحدّث معي بهمة وتصميم كبيرين، قائلاً لي: "طموحي لا يقف عند تأسيس ومباشرة أعمال الجمعية داخل الكويت، بل إني طامح إلى امتدادها العربي والعالمي، وبإشراك أكبر عدد ممكن من المفكرين والأدباء ورجالات الدولة والفنانين والإعلاميين". وتشير نشرة التأسيس إلى أن "مجموعة انعكاس تنطلق من واقع مسؤولية المثقفين المجتمعية في حمل هموم الناس بكل تفاصيلها". ورجوعاً إلى أسماء المشاركين في هذه الجمعية، سواء المفكرين والأدباء والكتّاب والفنانين والإعلاميين والصحافيين، يتضح أن هناك رغبة أكيدة لدى شريحة واسعة من المثقفين الكويتيين بضرورة العمل التطوعي الاجتماعي الإنساني، وأن هناك إيماناً كبيراً بأهمية وجدوى هذا العمل، بصفته يشكّل الجسر الأهم في علاقة المفكر والمثقف والفنان بهموم الإنسان، ومحاولة مساعدته في التغلب عليها.ومن ضمن أهداف المجموعة "إبراز البعد الإنساني للفنون والثقافة، وإشاعة ثقافة التسامح في المجتمع، ورفع مستوى الوعي الشعبي بأهمية الثقافة والتثقيف من خلال جميع الوسائل المتاحة، وأخيراً ترجمة المكانة الدولية البارزة لدولة الكويت، باعتبارها مركزاً للعمل الإنساني، وترجمة ذلك عبر تسمية حضرة صاحب السمو أمير البلاد، من قِبل الأمم المتحدة، قائداً للعمل الإنساني".ضمن معطيات ثورة المعلومات، وشبكات التواصل الاجتماعي، بات العالم قرية كونية صغيرة، ولم يكن الإنسان قريباً ومتفاعلاً ومتعاطفاً مع أخيه الإنسان في شتى بقاع الأرض كما هو اليوم. لذا فإن انطلاق مجموعة "انعكاس" بفكرها الإنساني، وملمحها الفكري والفني، يشير بشكلٍ واضح إلى إمكانية استقطاب أسماء عربية وعالمية لتشارك فيها، وبالتالي تكون الكويت منطلقاً لتجمع إنساني عربي عالمي، يؤمن برسالة الفكر والفن الإنسانيين الخالدين، ويؤمن أكثر من ذلك بالإنسان، رأسمال الوجود البشري، ومحرك النهضة، وضرورة مدّ يد العون إليه بكل الوسائل الممكنة، وذلك عبر تبنّي قضاياه العادلة، وعبر مساعدته على تجاوز الصعوبات التي تعترض حياته.أؤمن وأردد دائماً بأن دور المفكر والفنان والأديب لا يقف عند تدوين فكرة، أو رسم لوحة، أو كتابة قصيدة أو رواية، لكن دوره الإنساني يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير، وما فكرة الصديق الفنان سامي محمد، بتراثه الفني الكبير، وسعيه لتأسيس مجموعة "انعكاس"، إلا تأكيد لهذه الفكرة، وسعيٌ في دربها.تحية للفنان سامي، ويدي بيدك يا صديقي.