أبجديات
قدم النائبان عمر الطبطبائي وعبدالوهاب البابطين استجوابا لوزير النفط وحاولا حشد الرأي العام للتركيز عليه وتكريس جهودهما للحصول على التأييد النيابي، ثم شاركا هما نفسهما في تقديم اقتراح يسحب كل الأضواء من استجوابهما، مما يعني أن هناك سذاجة سياسية من غير المقبول أن تكون لدى نائب في مجلس الأمة.
كنا نقول، ونكرر وما زلنا: أن يكون النائب شاباً لا يعني بأي شكل من الأشكال أنه صكٌ تميز وعطاء وإدراك سياسي، ولنا في النائب أسامة الشاهين خير مثال على ما أقول، وهو ليس الوحيد من بين النواب الشباب ممن أثبتوا في فترة قصيرة أن أداءهم دون المستوى، فما بين ضعف في المحتوى أحيانا وأداء تمثيلي طفولي في أحيان أخرى أو تبعية غير مبررة لآخرين ضاع الكثير من النواب الشباب، مما قد يساهم في ظلم الكثير من الشباب مستقبلا؛ لأن الناس باتت تعتبر الشباب فئة سياسية منفصلة، وهو أمر غير صحيح طبعا، لكنه بات أمرا واقعا، كما حدث سابقا مع التجربة النسائية في المجلس عندما تم وضع جميع النساء في خانة واحدة، واعتبار النساء فئة سياسية ضاع في جريرتها كفاءات نسائية تستحق الوجود في المجلس.عموما سوء الأداء لا يقع على هؤلاء النواب وحدهم، فهم ضحية لدولة سعت وما زالت تسعى إلى تسطيح العقول، ما يدفعني للكتابة اليوم هو ذلك الاقتراح الذي أشبع تعليقا وهجوما في الأسبوع المنصرم، وهو الاقتراح المتعلق بتغليظ الغرامة في قضايا متعلقة بالتعبير مع الإبقاء على عقوبة الحبس، وكان من بين مقدمي الاقتراح نائبان من الشباب، كما يحلو للناس تصنيفهم.لن أناقش المقترح وجدواه أو حسن نواياه كما برر بعضهم، ولكن سأناقش بعض ما يفترض أن يكون أبجديات في العمل السياسي لدى الفاضلين عمر الطبطبائي وعبدالوهاب البابطين تحديدا.
فهذان النائبان شاركا في تقديم الاقتراح، وأضفيا عليه صفة الاستعجال بالتزامن مع تقديمهما استجوابا لوزير النفط! وهنا يتجسد الافتقار لأبجديات العمل البرلماني، فأن يتقدم النائبان باستجواب ويحاولان حشد الرأي العام للتركيز عليه وتكريس جهودهما للحصول على التأييد النيابي، وفي خضم هذا الأمر يشاركان هما نفسهما في تقديم اقتراح يسحب كل الأضواء من استجوابهما، فهذه سذاجة سياسية من غير المقبول أن تكون لدى نائب في مجلس الأمة.فالعمل السياسي وتشكيل الرأي العام وترتيب الأولويات أمور تتطلب تنسيقا وحسن قراءة وإدراكا جيدا لكل الأدوات البرلمانية وكيفية استخدامها، وهو ما لم يتحقق أبدا في النموذج المقدم من عمر وعبدالوهاب في الحالة المذكورة في هذا المقال، وهو ما أعتبره أمراً مزعجاً جداً لأنني على الأقل أتمنى ألا يقع عمر الطبطبائي في هذا المطب.المحصلة اليوم قد تكون عكسية على استجوابهما، وإن كان ذا محاور ونقاط مستحقة؛ لأن اقتراحهما أفسد صورتهما لدى الرأي العام على الأقل في هذه الفترة.