طريق ترامب للهاوية
ما هو المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من ذلك؟! الرئيس ترامب في لقائه الإعلامي مع ماكرون يمعن في ممارسة الابتزاز المالي لدول المجلس، ويطلب منهم دفع كل تكاليف المواجهة مع إيران، ومنعها من الوصول إلى البحر المتوسط، ويؤكد ترامب أن دول المنطقة غنية وغنية جداً، وعليها عبء تكاليف المواجهة مع إيران مقابل حماية الولايات المتحدة لها!يذكر ترامب أن الولايات المتحدة دفعت أكثر من 7 تريليونات دولار لحماية المنطقة، ولم تحصل على شيء في المقابل! هل مثل هذا الكلام قيل للمزايدة الشعبوية للداخل الأميركي بكل ما فيه من افتراءات وتزوير للحقائق، أم أن المقصود به هو تخويف أنظمة المنطقة وحلبها لآخر فلس تحصل عليه من النفط؟! دول الخليج هي الأكثر إنفاقاً لميزانيات الدفاع في العالم، وتتجاوز ميزانية التسلح نسبتها إلى الإنفاق العام في دول المنطقة إنفاق الجمهورية الإيرانية على السلاح بكثير، معظم صفقات الأسلحة لدول المنطقة تصب أموالها في الخزينة الأميركية، ولا يوجد لها منافس في ذلك، ترامب ذاته قال قبل رحلته الأخيرة للمملكة العربية السعودية إنه سيجلب الكثير من فرص العمل والأموال للولايات المتحدة، ووقع عدة صفقات كبيرة ذلك الوقت، وأيضاً كرر ذلك بمناسبة زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخيرة للعاصمة الأميركية.
ورغم أن ترامب يعلم بالتحدي "الوجودي" لدول المنطقة بعد تهاوي أسعار النفط والعجوزات التي تنمو في ميزانياتها يوماً بعد يوم، ودخول دول المنطقة في عالم الاقتراض، فإن هذا لا يحرك شعرة واحدة في رأس الرئيس الأميركي، ويظل يطالب بالمزيد والمزيد من الإنفاق والصرف المالي من خزينة دول المنطقة لمواجهة إيران! من الذي يخوفنا الآن من "البعبع" الإيراني، ويبتز "ما تبقى" من ميزانيات دولنا غير سياسة ترامب؟! من الذي يهدد بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران الشهر المقبل، رغم معارضة كل الدول الأوروبية الموقعة غير إدارة ترامب، حتى تدخل دولنا في سباق تسلح واستنزاف مالي دون نهاية وحتى ترضى إسرائيل؟دول المنطقة، ومن بعد تحرير الكويت عام 91، دفعت ومازالت تدفع الكثير من الأموال لصفقات السلاح مع الولايات المتحدة وبقية دول أوروبا الغربية، أموال كان يفترض أن تنفق على التعليم والصحة وعلى غيرها من أوجه التنمية، لكنها ذهبت لوكلاء السلاح وللحامي الأميركي، دفعنا أكثر بكثير مما هو مطلوب في سبيل التحرير وما بعد التحرير. ترامب لا يملك رؤية استراتيجية في سياساته الداخلية (وأيضاً نضيف الخارجية) هو يتصرف وفق انطباعاته وأحاسيسه المباشرة، هذا الكلام ليس من عندي وإنما من جريدة الإيكونومست المحافظة في عددها الأخير.كان الرئيس السابق أوباما يدعو دول الخليج إلى قراءة واقعها والجلوس مع بعضها ومع إيران لحل خلافاتها، بينما نشهد اليوم على درب الهاوية الذي تدفعنا نحوه القيادة الأميركية... هل ننتبه ونصحو هذه المرة؟!