زيارة ماكرون لواشنطن تعيد تثبيت قيادة أميركا

يمكن اعتبار زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعاصمة الأميركية واشنطن واحدة من أنجح الزيارات لرئيس دولة أجنبية، إذ استطاع خلالها تحقيق مقاربات ناجحة مع دونالد ترامب، أحد أصعب الرؤساء الأميركيين، وأكثرهم إثارة للجدل في تاريخ أميركا الحديث.

وأجمعت التحليلات والتعليقات على المؤتمر الصحافي المشترك للرئيسين، أمس الأول، على أن مرحلة سياسية جديدة كلياً في طريقها للتبلور، يسعى خلالها ترامب إلى إعادة صياغة توازن القوة والقرار لمصلحة الولايات المتحدة، في العديد من الملفات الدولية، سواء تعلق الأمر بكوريا الشمالية أو إيران أو روسيا أو الصين واتفاقات التجارة الدولية أو قضايا الأمن.

وتقول مصادر في البيت الأبيض "إذا لم يتعرض ترامب لضغوط من مستشاره للأمن القومي جون بولتون، ومن صقور الكونغرس، فقد يترك تاريخ 12 مايو المقبل، الذي وضعه كمهلة لتعديل الاتفاق النووي أو الانسحاب منه، يمر من دون أن يعلن خطوات توحي بأنه قد يحتفظ أو يلغي التزامات بلاده تجاه ذلك الاتفاق، والسبب هو حرصه على عدم توجيه رسالة سلبية لكوريا الشمالية، خلال استعداده للقاء زعيمها كيم جونغ أون، بعدما ضمن تنازلها، على الأقل حتى الساعة، عن برنامجها النووي لمصلحة اتفاق تاريخي معها".

غير أن تلك المصادر تؤكد أن "النموذج الكوري سيكون خريطة طريق ترامب لفرض اتفاق جديد مع إيران، بعدما أجبر القوى الغربية على التوافق معه باتجاه إنتاج اتفاق جديد يضمن سد ثغرات سابقه، لكن الأهم في هذا المجال هو توافق تلك القوى على أن يشمل هذا الاتفاق صراحة برامج طهران البالستية، ووقف تدخلاتها في المنطقة".

وتأكيداً لهذا الاتجاه، أعلن ترامب بشكل واضح أن القوات الأميركية ستبقى في سورية، لا لهزيمة "داعش" النهائية، بل لمنع إيران من الحصول على منفذ على البحر المتوسط، مما يقفل الباب نهائياً على فرضية سحب قواته، التي أعلنها قبل مدة. وهذا ما اعتبر تطوراً بالغ الأهمية في موقف ترامب، الذي يأتي في سياق استكمال واستغلال "الضربة – الرسالة" التي وجهتها الدول الثلاث، إلى روسيا بالدرجة الأولى.

وتؤكد المصادر أن زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، اليوم، قبيل وصول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وبعيد مغادرة ماكرون لواشنطن، تأتي في سياق تحديد الإطار السياسي للمرحلة المقبلة، وتثبيت أسس مواجهة إيران.

وفي كلمة له أمام مجلس الكونغرس، ألقاها بالإنكليزية، أمس، قال ماكرون: "يجب ألا تقودنا سياسة إيران إلى حرب في الشرق الأوسط"، مشدداً على أن "الهدف واضح، وهو أن طهران يجب ألا تمتلك أي أسلحة نووية".