يخوض إقليم كردستان العراق واحدة من أصعب منافساته في البرلمان الاتحادي خلال اقتراع مايو المقبل، إذ هي أول انتخابات عراقية يشارك فيها الأكراد بعد رحيل الرئيس السابق جلال طالباني، زعيم أحد أكبر حزبين في الإقليم (الاتحاد الوطني الكردستاني)، وهي أيضاً الأولى بعد رحيل نوشروان مصطفى، زعيم حركة «التغيير» (غوران)، التي كانت تجربة فريدة في تكوين كتلة نواب خارج القيادات التقليدية، وهي كذلك أول انتخابات بعد فشل الاستفتاء المثير للجدل على الاستقلال في سبتمبر الماضي، وتحوله إلى مبرر جعل بغداد تبسط سلطتها على مناطق شاسعة متنازع عليها بين العرب والأكراد منذ سقوط نظام صدام حسين، وتقلّص الكثير من صلاحيات الإقليم، وتسيطر على مطاراته وتجارته الخارجية وملفه الاستخباري.

ويذكر الخبراء المحليون بالشأن الكردي أن هذه المتغيرات ستترك أثرها الواضح على أوزان القوى الكردية، وهي مرشحة لأن تحمل مفاجآت دراماتيكية، فلأول مرة نسمع من المراقبين إمكانية ظهور تحالف نيابي كردي بحجم القوة النيابية لمسعود البارزاني، رئيس الإقليم المنتهية ولايته، إذ شجع رحيل الطالباني قادة سابقين في السليمانية على تكوين تحالف انتخابي يمكن أن يصمد إلى ما بعد الاقتراع، ويتكون من جناح منشق مهم أسسه برهم صالح، القيادي البارز في السليمانية، متحالفاً مع «التغيير»، وحركة الجماعة الإسلامية.

Ad

وفي تجارب الانتخابات السابقة، كان الأكراد يحصلون بسهولة على تمثيل في برلمان بغداد يوصف بأنه بيضة القبان، وبمعدل 60 مقعداً، أما اليوم فقد بات واضحاً أنهم خسروا نحو عشرة مقاعد نتيجة تخلخل وضعهم الحزبي والسياسي في مدن كبيرة مثل كركوك وضواحي نينوى.

لكن قائمة الخسارات تبدو أكبر من ذلك، فحزب الطالباني لم يجرب سابقاً مثل تشرذمه الحالي، كما أن حزب البارزاني يقاطع انتخابات كركوك وجنوب أربيل احتجاجاً على وجود الجيش العراقي والحشد الشعبي هناك، وتأخر كثير من التفاهمات بشأن الأمن والتسليح والتمويل لقوات البيشمركة الكردية.

والمستفيد من هذه الخسارات سيكون بالطبع هو تحالف صالح و«التغيير» والإسلاميين، وسيمنحه ذلك دوراً أكبر في التفاوض مع بغداد، وكذلك في دعم أغلبية متوقعة لرئيس الحكومة حيدر العبادي داخل البرلمان الاتحادي، لكن ما يشغل المراقبين أكثر هو أن الانتخابات العامة ستكون مؤشراً أمام الجمهور بشأن توقعات الاقتراع المؤجل حتى الآن لبرلمان إقليم كردستان، فظهور كتلة جديدة كردية في العاصمة العراقية سيعني إمكانية منافسة البارزاني داخل الإقليم، وتأثير ذلك على شكل حكومة كردستان المقبلة ومنصب رئيس الإقليم نفسه، خارج الحسابات التقليدية، والمقلق أكثر هو إمكانية دخول أنقرة وطهران على الخط، كي لا تُترك بغداد بمفردها تتحكم في ملفات النفط والأمن في الشمال الكردي ومنطقته الحيوية بالنسبة إلى البلدين، لا سيما التأثير على شمال سورية الكردي الذي ظل عالقاً بين متغيرات الحرب الطويلة هناك.