يخرج آلاف المصريين في الرابع عشر من شعبان من كل عام، إلى ساحة ومسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، المقام فوق أعمدة وجدران معبد الأقصر الفرعوني، بصعيد مصر، للمشاركة بالموكب السنوي لدورة سيدي أبي الحجاج.

ويتقدم الموكب المئات من الشباب الذين يجرون مجموعة من المراكب في الشوارع، والتي تطوف طرقات المدينة التاريخية، الغنية بمقابر ومعابد ملوك وملكات الفراعنة، وهو احتفال يرجع تاريخه إلى أكثر من 800 عام.

Ad

ويتجمع صباح اليوم مختلف أصحاب المهن من الصناع والتجار وكل الطوائف من كل ضواحي مدينة الأقصر، للخروج في موكب ودورة سيدي أبي الحجاج الأقصري، تصحبهم فرق الفلكلور والفنون الشعبية، وكل طائفة لها منشدها وفرقتها.

ويعكف مئات الشباب خلال الاحتفال على الرقص والغناء ولعب العصا والتحطيب في كرنفالات فنية صاخبة، تبدأ من الصباح، وتستمر حتى المساء.

وبحسب المؤرخ والمترجم المصري، فرنسيس أمين، فقد روى عالم المصريات الفرنسي، جرج ليجران، الذي عمل مديراً لآثار الكرنك في الأقصر، في كتاب نشره عام 1914، أي قبيل 104 أعوام، تفاصيل موكب دورة سيدي أبي الحجاج، في كتاب حمل عنوان "الأقصر بلا فراعين".

وجاء بكتاب ليجران، أن موكب ودورة سيدي ابي الحجاج، كانت تسير وسط أعمدة معبد الأقصر الفرعوني، وتمر بشارع يوسف حسن وأبوالجود، وتبدأ بمواكب الجمال، ومراكب ابي الحجاج، ثم أصحاب الحرف والمهن.

وبحسب أمين، فقد ربط ليجران بين موكب ودورة سيدي أبي الحجاج، وبعض الاحتفالات الفرعونية، التي كانت تشهدها مدينة الأقصر، وتُجَرُ فيها المراكب، أو تحمل على الأكتاف، ويخرج للمشاركة بها مختلف طوائف الشعب في مصر القديمة، مثلما كان يجري في عيد الأوبت، وعيد الوادي، وهما العيدان اللذان ظلت القصر تحتفل بهما بمشاركة الآلآف مدة تقترب من 2000 عام.

وتركت مثل تلك الاحتفالات أثرها في احتفالات المصريين، مثلما يجري في موكب ودورة سيدي أبي الحجاج، الذي يبدأ بموكب المراكب التي يتم جرها في الشوارع، ثم عربات يتجمع فوقها أصحاب الحرف والمهن، في احتفالات شعبية لاتزال متوارثة حتى اليوم.

وقال فرنسيس أمين لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) إن ليجران، وصف سيدي ابي الحجاج الأقصري، في كتابه بأنه "سيد الأقصر وحاميها الأول"، وأن الأقصر حملت اسم سيدي أبي الحجاج، وكان اسمها آنذاك "الأقصر أبوالحجاج".

وتوفي أبوالحجاج الأقصري سنة 642 هجرية، ودفن بضريحه القائم فوق معبد الأقصر، وقد أعيد بناء مسجده القديم في القرن التاسع عشر، ثم خضع لأعمال تطوير وترميم في بداية القرن العشرين، وقد بنى مسجده في قلب معبد الأقصر، فوق معبد الإله آمون، وقرب بقايا كنيسة رومانية، أي في مكان يضم شواهد من الحضارتين الفرعونية والمسيحية، ثم جاء مسجد سيدي ابي الحجاج، ليجعل من هذا المكان في معبد الأقصر، ملتقى وشاهدا على 3 حضارات متعاقبة عرفتها مدينة الأقصر.

وتتكون المئذنة الأثرية للمسجد التاريخي لأبي الحجاج الأقصري، من ثلاثة طوابق، وهي مقبية على شكل "طاقية"، وتقترب في تفاصيلها من مآذن مساجد صعيد مصر في العصر الفاطمي، مثل مئذنة مسجدي قوص وإسنا المجاورين لمدينة الأقصر، ويضم حرم المسجد مجموعة من الآثار والأعمدة الفرعونية، التي بقيت داخل تكوين المسجد منذ إقامته.