أخبرينا عن فوزك بجائزة الشيخ خليفة وكيف كان وقعها عليك؟
سعادتي بالجائزة مضاعفة، لأنها تعزِّز وجود من لا ينساق وراء السائد من الكتابات في مجال أدب الطفل، وتؤكد أن ثمة كتابة متنوعة تخاطب العقل والعلم، وفي الوقت نفسه لا تهمل الخيال. والجائزة لا تمثل تقديراً لي فقط بل للأدباء والكتّاب كلهم في مجال أدب الأطفال.
بين العقل والخيال
هل أردت القول إن أعمالك تخاطب عقول الأطفال وليس مشاعرهم أو وجدانهم؟ تحثّ أعمالي على التفكير المنهجي والعقلاني، ولا يعني هذا أنها خالية من الخيال، فالأخير مهم لإثراء مخيلة الأولاد، وإلا اختفت الأحلام لدى البشر. الحلم موجود ومتاح ومباح، لكنني أتوجه إلى ما بعد العقل، وما فوقه، وهو ما أردت تأكيده في روايتي الفائزة بالجائزة «فك شفرة». تحكي الأخيرة عن بيت ذي قباب، جمع بين عالمين وزمنين مختلفين، بفصول على هيئة الأيام السبعة، أمضاها ثلاثة أولاد في بيت أبلة «تماضر» نظراً إلى سفر والدتهم إلى مؤتمر علمي في الخارج. تسير الرواية على منهج أعمالي السابقة نفسه. في «البيت والنخلة» الفائزة بجائزة الشيخ زايد عام 2015 جمعت بين الأمرين: تحقيق الخيال من خلال العقل. لا أترك الأسطورة والخيال يتحكمان في العمل، وهو في الأساس أسطورة عن سيدة، لكن فيها من الواقع، إذ تدور الأحداث في ثلاثينيات القرن الماضي حول سيدة تقود عملية تعليم الأطفال في القرية. كيف كانت بدايتك مع الكتابة للأطفال؟بدأت الكتابة للأطفال بعد بلوغي الـ 65 عاماً، بعد خمس سنوات من تقاعدي. دفعتني إلى ذلك رغبة أحفادي في تسجيل تراث الحكي بيننا، وكانت المؤشرات كافة في حياتي لا تشير إلى أنني سأصير كاتبة. في طفولتي، لم أحبّ حصة الإنشاء ولم أكن بارعة في كتابة موضوعات التعبير. بل كنت أفضل مادة الرياضيات وتفوّقت فيها إلى حد بعيد. كانت بداية اتجاهي إلى الكتابة في مجلة «شاشتي»، عندما طلبت مني صديقتي الكاتبة خيرية البشلاوي نشر مقال، كذلك كنت أحكي دوماً لأولادي وأحفادي قصصاً من بنات أفكاري. ولكن عندما كبروا بدأت كتابتها وتوثيقها، ولاحظت أثناء الكتابة والبحث أن غالبية كتّاب الأطفال يسطون على التراث من دون أية إشارة إلى ذلك. هل أفادك عملك كمخرجة في قنوات «النيل للدراما» في كتابة القصص والروايات، وما رأيك في برامج الأطفال التلفزيونية؟أفادني كثيراً، من خلال التفاصيل التي يمكن التقاطها من واقع الحياة. غير أنني أرى أن القنوات المخصصة للأطفال في تزايد، وهذا يحتاج إلى ملء ساعات الإرسال. للأسف، يتحقّق ذلك بزيادة المواد الأجنبية فيما يجب أن نحرص على نسبة متوازنة بين المستورد من المواد البرامجية والمنتج منها محلياً، خصوصاً من الرسوم المتحركة التي تسهم في تشكيل وجدان الأطفال.أدب الطفل العربي
كيف ترين مجال أدب الطفل في العالم العربي راهناً؟ يعاني أزمة شديدة، والدليل التجاهل الذي يعانيه كتّاب الأطفال في الدول العربية كافة. وتكمن المعاناة الحقيقية في عدم الإقبال على القراءة عموماً ومن الأطفال خصوصاً، وغياب مفهوم القراءة للأطفال لدى الأهالي وتراجع دور الدولة في رعاية هذا المجال وتركه للسوق. من هنا، يجب أن يكون للأهل دور أساسي في تشجيع أبنائهم على القراءة، لكن أعتقد أن الأجيال الجديدة بدأت فعلاً في هذا الاتجاه، وأرجو أن تتمسك الدولة بدورها الراعي لهذا المجال.هل تقتصر كتابتك على الاتجاه إلى الأطفال؟أكتب للأعمار كافة وأقدِّم رواياتي كي يستمتع بها الكبار ويروونها لأطفالهم، ويقرأها الشطار فيعرفون منها الأسرار. ذات يوم قرأ لي الراحل خيري شلبي رواية «البيت والنخلة»، وسألني عن سبب وصفي هذا العمل بأنه للشباب رغم أنه رواية. أجبته بأنها رواية لكن تتضمن قيم الأدب لمرحلة الشباب العمرية، فلا يمكن لشاب في الـ13 أو 14 عاماً أن يتجه إلى قراءة «تغريدة البجعة» أو «عزازيل».الكتابة بعد سن الستين
اختارت الدكتورة عفاف طبالة المجال الصعب وهو الكتابة للأطفال ليس سعياً إلى الشهرة، ولكن عندما فرضت جذوة الإبداع نفسها عليها، بدأت التواصل مع الأطفال بالكتابة بعد سن الستين. كتبت بهدف واحد: «تربيتهم على الخيال». حصلت على بكالوريوس في الأدب الفرنسي، ثم على ماجستير في الآداب في الإعلام الجماهيري عام 1987، ودكتوراه في الإعلام الجماهيري عام 1996، وجميعها من جامعة القاهرة، بين 1966 و2001.عملت في التلفزيون المصري مخرجة، وكاتبة سيناريو، ومنتجة، ومتخصصة في الأفلام الوثائقية. كذلك شغلت مناصب إدارية عدة في التخطيط والبرمجة، آخرها المديرة التنفيذية لقناة «النيل الدراما». من أبرز أعمالها «السمكة الفضية، وسيكا موكا، وحلم جديد، وورقات قديمة، والبيت والنخلة».وكان المجلس المصري لكتب الأطفال أعلن العام الماضي أسماء الكتب المختارة لتكون ضمن قائمة دولية تمثِّل أفضل ما نشر من كتب أطفال على مستوى العالم خلال العامين المنصرمين، وحصلت قصتها «أنشودة العودة» على جائزة أفضل تأليف. ومن معايير الاختيار، أن تكون الكتب صالحة للترجمة إلى لغات عدة، وذات نظرة ثاقبة إلى مختلف البيئات الثقافية والسياسية والاجتماعية التي يعيش فيها الأطفال، مع إمكان استخدامها من المعنيين بوضع برامج للتعليم ومحو الأمية، والقيام بمبادرات لنشر الأفكار النموذجية.