تقدم اليوم الثلاثاء ١ مايو في جلسة البرلمان ثلاثة استجوابات لرئيس الحكومة ووزير النفط ووزيرة الشؤون، ولا يبدو في الأجواء السياسية تفاعلٌ بحجم هذه الاستجوابات ولا عددها ولا من قدمت لهم، وهو أمر يستحق النظر.

اطلعت على محاور استجواب وزير النفط فقط وعددها عشرة محاور، أجدها محاور ثقيلة ومستحقة للنقاش ومدعمة بالبيانات والمعلومات الرسمية، وأحسن النائبان بإدراجها في استجوابهما، لكننا لم نستمع بعد لردود وزير النفط لنحكم بأي اتجاه ينبغي أن تسير الأمور.

Ad

استجوابات اليوم تحديداً لا بريق لها، وقد ظلمت بتقديمها في الجلسة نفسها، وهو أحد أسباب التأثير السلبي عليها إعلاميا وسياسياً، إذ كان من الأولى بالنواب التنسيق بينهم لترتيب تقديم الاستجوابات بالتوالي بدلاً من عرضها في يوم واحد، وهو بلا شك أمر سيفقد النواب والجمهور التركيز والمتابعة وإعطاء كل استجواب حقه.

الغياب الإعلامي عن إثارة الاستجوابات وتفاصيلها خصوصاً استجواب وزير النفط رغم أهمية القضايا المطروحة فيه وضخامة المبالغ الواردة في محاوره، والتي تجاوزت المليارات أمر غريب، ومن وجهة نظري ربما هذا مؤشر على وجود منافع تجارية واقتصادية وسياسية متقاطعة خارج قطاع النفط وخارج قبة البرلمان، لها مصالح في صرف الأنظار عن هذا الاستجواب، ونجحت في ذلك حتى الآن.

أحد أسباب فقدان بريق هذه الاستجوابات هو الصراع الداخلي بين أعضاء المجلس، وتسجيلهم المواقف الشخصية المتضادة، وانتقام بعضهم من مواقف الآخرين في الاستجوابات السابقة مثل استجواب وزيرة الشؤون الأخير، كما أن عدم وجود كتلة برلمانية موحدة قادرة على تعبئة الرأي العام، وجمع الصف النيابي على موقف سياسي قوي، أفقد النواب زمام المبادرة في المشهد السياسي المحلي، ويبدو أن هذه الاستجوابات بعيدة فعلاً عن الصراعات المعتادة سواء بين أبناء الأسرة (الشيوخ) أو بين أصحاب النفوذ السياسي، ولذلك قلّ الحشد معها أو ضدها.

كمراقب سياسي ثمة خطأ سياسي وتكتيكي فادح وقع فيه الإخوة المستجوبون لوزير النفط، وإن كان عن غير قصد لكنه أثر في الاستجواب وسحب البساط منه، وأفقدهم تركيزهم لمدة لا يستهان بها، وهو ما قاموا به مع نواب آخرين من تقديم تعديلات على قوانين الجزاء قبل أسبوعين، ففتحوا على أنفسهم جبهة صراع محلي واسع في وقت غير مناسب إطلاقاً مع نواب وكتل سياسية خارج المجلس، وناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، وبدلاً من التركيز على استجوابهم لوزير النفط انشغلوا في الدفاع عن تعديلاتهم، وأضاعوا وقتاً وجهداً وتعاطفاً كانوا في أمس الحاجة له، وهو درس سياسي صرف أتمنى أن يتداركوه مستقبلاً.

سننتظر الاستجوابات اليوم ونتابعها ونتمنى أن تكون نهايتها تصحيحاً للأخطاء وتقويماً للأداء ومساءلة لمن يستحق و"بأخف الخسائر على الدولة والشعب"، والأهم أن يعود البرلمان بعدها لمزاولة ما تبقى من عمله الرقابي والتشريعي. والله الموفق.