مرافعة : تعارض المصالح وغاية التشريع
لم يكن في ذهن المشرع الكويتي وهو في سبيل إقرار قانون تعارض المصالح النظر الى أبعاد تطبيق أحكام مواد القانون على الموظفين في القطاع الحكومي أو العاملين في القطاع الخاص بالشركات المملوكة للدولة أو حتى للمكلفين بالخدمة العامة أو حتى للخاضعين لأحكام قانون مكافحة الفساد!ورغم حداثة تطبيق أحكام قانون مكافحة الفساد في عام ٢٠١٦، فإن المشرع الكويتي وجد أن تلك الأحكام غير كافية لملاحقة المخالفين لقواعد تضارب المصالح، رغم أنه كان بمقدور المشرع التعديل على أحكام قانون مكافحة الفساد أو حتى النص على قواعد تعارض المصالح بقانون مكافحة الفساد الذي صدر قبل عامين تحديدا.
ملاحقة المخالفين لقواعد تضارب المصالح رغم أهميتها في المنظومة التشريعية لكل بلد، إلا أن وضوح تلك القواعد وعدم اتساعها أمر في غاية الأهمية أيضا، فالغاية من كل تشريع هي معالجة الخلل الذي يعانيه الواقع، دون أن تمثل تلك المعالجة إهدارا للحقوق والضمانات، خصوصا إن كانت تلك القواعد جزائية!فكرة إيجاد التشريع تلبية لمتطلبات الواقع ومناداة لرغبات بعض الجماهير المنادية به أمر يتعين أن يكون متوافقا مع الدستور والمبادئ القانونية المترابطة مع غاية التشريع، لا أن يكون التشريع إبراء للذمة حتى لو طال رقاب آخرين لم تكن غاية التشريع ملاحقتهم، ولا يمكن القبول في ذات الوقت بمبدأ أن تصلح اللائحة التنفيذية ما أفسدته طاولة التشريع، لأنها ستوصم بمبدأ مخالفة قواعد التدرج في التشريع، إذ كيف للقاعدة الأدنى وهي اللائحة أن تأتي وتخالف القاعدة الأعلى وهي القانون؟!لا أحد يرفض فكرة التنظيم التشريعي وإبعاد التدخل التشريعي كلما تطلب الواقع ذلك ودعت الحاجة إليه، لكن فكرة التعجل بإصدار التشريعات وعدم تدارس أبعادها العملية بكل صور تطبيقها يسيئان لتلك التشريعات ويشوهان صورتها، ويجعلان من تطبيقها أمرا مرهقا لخروجها عن الغاية التي من أجلها هدف التشريع!