يستكمل مكاوي سعيد في كتابه «القاهرة وما فيها»، حكاياته عن وسط البلد بمصر، حيث الشغف بكتابة التاريخ غير الرسمي لهذة المنطقة، إلى جانب النبش في الذاكرة الشخصية لقاطنيها، انطلاقاً من خبرة مباشرة امتلكها الكاتب من العيش فيها جل عمره. في تقديمه الكتاب، كشف سعيد أسرار ولعه بالقاهرة، خصوصاً منطقة وسط البلد وسر شغفه بالكتابة عنها، وقال: «لماذا القاهرة وقد كتب عنها آلاف الكتب والدراسات من مصريين وأجانب في العصر الحديث على الأقل؟ هل لأنها أكبر مدينة عربية من حيث المساحة وعدد السكان، هل لأنها من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وحضارياً، حيث مرت بالعديد من الحقب التاريخية ولا تزال باقية بها آثار شتى من معالم العالم القديم والحديث؛ أم لأنها عاصمة الوطن العربي كما يقول البعض، ومركز الكون كما يغالي بعضهم، أو لأنها عاصمة مصر أم الدنيا كما علمونا وفطمونا عليها منذ الميلاد؟ أنا أحب القاهرة لأني ولدت في عاصمتها الفخرية «منطقة وسط البلد» التي عشقت أماكنها وتاريخها وأرواح ساكنيها الراحلين التي تجوب طرقاتها وأسبلتها كل ليلة، والمقيمين فيها الذين يتجولون ويتجادلون ويضيفون إليها أو ينقصون منها، وكتبت عنها كتابي «مقتنيات وسط البلد»؛ عندما اكتمل كتابي هذا أسميته «القاهرة وما فيها» امتناناً لهذه البقعة المباركة».
نبض المكان والناس
يتضمّن الكتاب معلومات غير معروفة لغير المتخصصين وصوراً نادرة للتدليل عليها، ويرثي فيه الكاتب مدينته التي عاشت تدهوراً بالغاً عبر قرن من الزمان، كذلك يتحسر من طريقة تعاملنا مع الأرشيف ومحتوياته سواء تمثلت في الصحف والدوريات أو الصور أو الأفلام السينمائية، مؤكداً أن كتابه أقرب إلى مواجهة مع حالة الفقد والضياع التي تعانيها «ذكرياتنا وتواريخنا الشفهية وحواديتنا».ولا يكتفي الكتاب باستعادة تاريخ المدينة من خلال التوقف إزاء علاماتها المميزة مثل بركة الأزبكية وقصر عابدين، إنما يستكمله بتخليد أيقوناتها من المشهورين والمغمورين، ويتوقف إزاء شخصيات مثل أم كلثوم، ومحمد فوزي، وعبد الفتاح القصري، وتحية كاريوكا، ونجيب الريحاني، وزكريا أحمد، ومحمد القصبجي، وسامية جمال، وأنور وجدي، وعلي باشا مبارك، عبر مشاهد ويوميات وطرائف تاريخية يتفاوت حجمها في الكتاب لكن المؤلف كتبها بلغة بسيطة حافظ فيها على دقة المعلومات التاريخية وتوثيقها إلى جانب الحس الساخر الذي ظل يرافقه حتى ساعاته الأخيرة.