يشهد عصرنا وجود ميليشيات مسلحة في مرحلة الصراع التي يعيشها العرب مع أنفسهم، ومع غيرهم، وقد اختلطت الأوراق حول تبعية هذه الميليشيات وأهدافها، لكن الملاحظ أنها فاعلة في ساحات القتال أكثر من جيوش تلك الدول، لا بل تمكن بعضها من هزيمة الجيوش! والأمثلة واضحة في العراق ولبنان وليبيا واليمن وسورية التي لها وضع خاص، ومستقبلها ينذر بالخطر. لقد انتصرت الميليشيات في الموصل شمال العراق، وسيطرت على المدينة سنة كاملة بعد أن هزمت الجيش الذي سلحه ودربه الأميركيون! والوضع في ليبيا بين كرّ وفرّ مع الجيش، وفِي لبنان أصبحت ميليشيا حزب الله هي المتنفذة، وفِي اليمن ميليشيا الحوثي هزمت جيش علي عبدالله صالح وهكذا.
السؤال المحيرّ: لماذا لم تحارب تلك الميليشيات الجيش الإسرائيلي المحتل للأرض العربية؟! إن بضعة آلاف من الميليشيا تهزم جيوشا كبيرة تملك التدريب والتسليح بالمليارات، فماذا يعني ذلك؟! والتبريرات معروفة ومكررة أنها حرب عصابات ضد جيش نظامي، وأنها تتلقى الدعم الخارجي! إن بعض تلك الجيوش تضم ميليشيات مسلحة، وإن بعض الجيوش تتلقى دعماً خارجياً أيضاً لا بل أغلب الجيوش العربية!السؤال المكرر الموجه إلى "القاعدة" و"داعش" و"حزب الله" اللبناني، ما دام نشاطكم فدائياً جهادياً وانتحارياً لماذا لا يوجه ضد إسرائيل؟! فإسرائيل المحتلة لأراضي العرب عدوٌ للجميع، وإن مصداقية عملكم على المحك، فلماذا تقتلون مواطنيكم عرباً ومسلمين ولا تقتلون إسرائيلياً محتلاً؟! نعرف أن التاريخ سيجيب عن تلك الأسئلة في المستقبل، ولكن بعد القتل والتعذيب والتشريد والتدمير للبشر والعمران يبدو واضحاً أننا نعيش عصراً مختلفاً في الوطن العربي، وإن شهدت بعض أقطاره تحديثاً، فالصراع الميليشياوي يهدده.إنها مرحلة مرت بها دول وشعوب ثم تجاوزتها إلا أننا نعيشها بإثنيتها العنصرية والطائفية، إنها مرحلة ثقافة المسلّمات التقليدية التي لم تدخل الحداثة حتى الآن، وتحتاج إلى ثورة فكرية لينتصر التجديد على التقليد، عندها ستختفي الميليشيات في عصر الحرية والدولة المدنية الديمقراطية، ولَم تعد ظاهرة العصر اليوم قائمة أي لم تعد الميليشيات تهزم الجيوش.
مقالات
الميليشيات تهزم الجيوش!
02-05-2018