حالة الجمود خطرة... وستدمرنا
ماذا بعد مشاهد الاستجوابات المكررة لرئيس الحكومة والوزراء، التي أضحت فلكلوراً مملاً بلا فائدة، مثلها مثل الأوبريتات الوطنية المعلبة التي تُعرض كل عام؟ ومهما كانت نتائج تلك الاستجوابات، فلا جديد سينعكس على واقع حالة الجمود الكويتية، التي تشمل معظم الصعد السياسية والاقتصادية، وحتى الرياضية. سيناريوهات مملة، ومشهد سياسي تحتله وجوه تمارس لعبة الكراسي الموسيقية، دون أن تتغيَّر، أو تغيِّر أداءها.منذ ثمانينيات القرن الماضي ونحن نعيش حالة الجمود تلك. ورغم أن أحداثاً جساماً مرَّت علينا منذ غزو العراق للبلاد، حتى الربيع العربي، لم يتغيَّر شيء في البلد؛ النظام متخندق في عقلية تحجيم دستور 1962، وتغيير النظام الانتخابي لعدة مرات لم يغيِّر شيئاً في الاصطفافات الطائفية والقبلية والفئوية على المستوى الشعبي، وكذلك عشرات قوانين مكافحة الفساد وحماية المال العام لم تفعل شيئاً للحد من السرقات والتكسب من المنصب، بل إن عشرات المتهمين بالإيداعات والعمولات المليونية فلتوا من العقاب، وهربوا بغنائمهم.
السُّلطة بعد أن خرجت سالمة من غزو 1990 وتداعيات الربيع العربي أصبح لديها قناعة بأنها كـ"الصلب" الذي لا يطرق، وسعيدة بحالة الجمود في البلد الذي يؤمِّن لها حكماً سلساً، وليس لديها أي رغبة حقيقية في إصلاح جدي، أو تحدي حالة الجمود الذي يعيشه البلد، ويتجلى في أداء نيابي وسياسي بالغ السلبية والخطورة، بما يعتريه من مظاهر الانفلات، وتقديم المصالح الشخصية والفئوية على المصلحة العامة.الأحداث من حولنا تنبئ بتغييرات كبيرة وخطرة في المنطقة، والدول الجامدة لا تستطيع أن تواجه المتغيرات، حتى لو بدت قوية ومتماسكة، والكويت كما جابهت متغيرات منتصف القرن الماضي، بحنكة وقرارات المغفور له الشيخ عبدالله السالم، في بداية الدولة الكويتية الحديثة، فهي تحتاج اليوم إلى هزة قوية تخرجها من حالة الجمود، وتجدد واقعها الذي تتراكم فيه السلبيات والمشاكل دون حلول، ويستغلها بعض سياسيينا لعمل بطولات وهمية لن تغيِّر في الواقع شيئاً، بل ستزيده سوءاً وتعقيداً.