«عاشق لبنان، واللغة الفرنسية، وقيم فرنسا»، وصف لوتشيانو ريسبولي، (مستشار التعاون الثقافي في السفارة الفرنسية نائب مدير المعهد الثقافي الفرنسي في لبنان)، فيليب عرقتنجي خلال تقليده وسام الفنون والآداب الفرنسي من رتبة فارس، تعبيراً عن تقدير وزارة الثقافة الفرنسية مواهب المخرج والكاتب والمنتج اللبناني، مشيراً إلى موقعه المميز في المشهد الإبداعي والسينمائي اللبناني.

أضاف: «نحتفي اليوم بفنان ملتزم، وإنسانوي، ومبتكر، قادر على الانتقال من نوع سينمائي إلى نوع آخر، وتجديد نفسه في كل فيلم، بحيث يصعب تصنيفه في خانة معينة»، لافتاً إلى أن عرقتنجي يحوّل الواقع، المظلم أحياناً، إلى عمل جميل، ويشقّ اتجاهات جديدة أمام جمهوره، مثنياً على دوره في إعادة الجمهور اللبناني إلى السينما اللبنانية بعد سنوات الحرب الطويلة، ومساهمته في مصالحة شعبه مع تاريخه، من خلال نتاجه السينمائي المفعم بالمشاعر والمعاني.

Ad

فرادة ثقافية

أبدى المخرج فيليب عرقتنجي اعتزازه بتسلم الوسام وشدّد، في كلمته التي ألقاها في الاحتفال، على أن فرنسا لم تكن بلداً تعلم فيه مهنته فحسب، بل تشرب منها مجموعة من القيم، والحرص على إتقان أي عمل يقوم به، مؤكداً أن لفرنسا فرادة في مجال الثقافة، ملاحظاً أن الناس يصطفون تحت المطر على أبواب المتاحف، وللسينما من أنحاء العالم مكانتها فيها وجمهورها في صالاتها.

وشكر عرقتنجي عائلته وكل من ساهم في مسيرته ونجاحاته، معتبراً أن هذا التكريم لقدرته على سرد القصص بالصور وبالكلمات، سواء كانت حكايات الحرب أو الانفصال أو التلاقي أو الحب. أضاف: «أفتخر بأنني تمكنت عبر أفلامي من إبكاء الناس وإضحاكهم وإثارة مشاعرهم».

أفلام وجوائز

تتميّز مسيرة المخرج فيليب عرقتنجي (ولد عام 1964 في بيروت) بأفلام روائية ووثائقية تعكس عمق تجذّره بوطنه، وتتمحور حول الهوية، والهجرة، والمنفى والسفر، مضفياً شخصيته التي أغناها بثقافة شاملة اكتسبها من خلال تجاربه وتنقله في أنحاء العالم واطلاعه المستمر على أحدث التقنيات، ما أضفى تنوعاً على أعماله وإقبالاً عليها أينما عرضت سواء في لبنان أو في المهرجانات العالمية.

«البوسطة» (2006) أول فيلم سينمائي أخرجه فيليب عرقتنجي بعد عودته إلى لبنان من فرنسا التي أمضى فيها 12 سنة، لدى عرضه حقق أرقاماً قياسية في الصالات، واحتلّ المرتبة الأولى بين الأفلام، مسجلاً ما يزيد عن 140 ألف مشاهد خلال أسبوعين، ثم عرض في أكثر من 20 بلداً، واختير ليمثّل لبنان في جوائز الأوسكار عام 2006.

«تحت القصف» (2007) فيلم فيليب عرقتنجي الثاني، عبّر فيه عن سخطه من حرب تموز والجروح التي تركتها في وطنه لبنان. شارك فيه أربعة ممثلين: ندى بو فرحات، وجورج خباز، وراوية الشاب، وبشارة عطالله، فيما ضمّ طاقم التمثيل شخصيات من اللاجئين والصحافة....

اختير الفيلم للمشاركة في مهرجان البندقية السينمائي في دورته الرابعة والستين، وفي مهرجان دبي للأفلام، وحاز أكثر من 23 جائزة، من بينها: «جائزة حقوق الإنسان» في البندقية، و«المهر الذهبي لأفضل فيلم وأفضل ممثلة» في مهرجان دبي للأفلام. اختير ليمثّل لبنان في جوائز الأوسكار.

عام 2012 أخرج فيلم «ميراث» يصوّر فيه مئة عام من حوادث تتكرر مبيّناً أن التاريخ يعيد نفسه في أشكال وفي أشخاص مختلفين. وفي عام 2017 أخرج فيلم «اسمعي»، يتمحور حول الحبّ كأحد أقوى أشكال المقاومة والبقاء على قيد الحياة.

أفلام وثائقية

إلى جانب الأفلام الروائية أخرج فيليب عرقتنجي سلسلة من الأفلام الوثائقية من بينها: «أرض لرجل» (2012)، أجرى فيه لقاء مع الوزير والنائب اللبناني السابق وصاحب جريدة «النهار» غسان تويني، وهو الأخير له قبل وفاته، تحدّث فيه عن مراحل حياته. كذلك أخرج «حلم الطفل البهلوان» (1995)، و«بيروت أحجار وذكريات» (1993)، و«طير حر» (1993)، و«من عيون الأمهات» (1992).