دق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس جرس إنذار أمس، محذراً من وجود خطر حقيقي لاحتدام حرب إذا لم يتم التقيد بـ"الاتفاق النووي" المبرم بين إيران ومجموعة "5+1" عام 2015.

وحث الأمين العام الرئيس الأميركي دونالد ترامب على عدم الانسحاب من الاتفاق مع قرب انتهاء مهلته التي منحها للأوروبيين لإصلاحه أو مغادرته وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران بحلول 12 مايو الجاري.

Ad

وقال غوتيريس لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "إن "إتفاق إيران كان نصراً دبلوماسياً مهماً ويجب الحفاظ عليه". وتابع بالقول: "يجب ألا نلغيه إلا إذا كان لدينا بديل جيد"، مضيفاً "إننا نمر بأوقات خطيرة".

وأضاف: "أعتقد أيضاً أن هناك حالات سيتعين فيها إجراء حوار بناء لأني أرى أن المنطقة في وضع خطير جداً".

وأوضح قائلاً: "أتفهم مخاوف بعض الدول بشأن النفوذ الإيراني في دول أخرى بالمنطقة. لذا أعتقد أن علينا فصل الأمور عن بعضها".

وجاءت تحذيرات غوتيريس غداة تأكيد مسؤولَين بـ"البيت الأبيض" ومصدر مطلع على المناقشات الداخلية للإدارة الأميركية، أن ترامب قرر تقريباً الانسحاب من المعاهدة المبرمة مع إيران في 2015، لكن لم يتضح بعد ما الذي سيفعله على وجه التحديد.

وأفاد المصدر بأن هناك احتمالاً لأن يختار ترامب بقاء الولايات المتحدة ضمن الاتفاق الدولي، الذي وافقت طهران بموجبه على الحد من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات، وذلك من أجل "الحفاظ على التحالف" مع فرنسا وحفظ ماء وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى ترامب الأسبوع الماضي وحثه على عدم الانسحاب.

وقال دبلوماسيون، إنه إذا قرر ترامب عدم تمديد رفع العقوبات عن إيران فسوف يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق وقد يثير رد فعل عنيفا من قبل طهران التي تلوح باستئناف برنامجها النووي أو قد "تعاقب" حلفاء واشنطن في سورية والعراق واليمن ولبنان.

وذكر مسؤول بـ"البيت الأبيض"، تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن من الممكن أن يتوصل ترامب إلى قرار "لا يتعلق بانسحاب كامل"، لكن المسؤول لم يستطع تحديد ما الذي سيفعله ترامب الذي حصل على حجة جديدة للانسحاب بعد عرض قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين الماضي بشأن ما قال إنه دليل موثق على برنامج إيران للأسلحة النووية السابق، رغم أن مفتشي الأمم المتحدة يقولون، إن إيران امتثلت لشروط الاتفاق.

وتوقع المسؤول أن يتجه ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق لكنه لم يتخذ القرار بعد. وأوضح: "يبدو أنه جاهز لعمل ذلك ولكن إلى أن يتم اتخاذ قرار من جانب هذا الرئيس فالأمر ليس نهائياً".

وقال مسؤول ثان بـ"البيت الأبيض" إن كبار المساعدين لا يسعون بقوة للحديث عن انسحاب ترامب من الاتفاق لأنه يبدو أنه عاقد العزم على ذلك.

تحد إيراني

في غضون ذلك، جددت إيران تحديها ورفضها لدعوات الغرب لتوسيع الاتفاق النووي ليشمل 3 نقاط رئيسية تتعلق بمستقبل تخصيبها لليورانيوم بحلول 2025 وبرنامج تسلحها الصاروخي وأنشطتها في المنطقة.

وأكد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي للشؤون الخارجية، أن طهران "لن تبقى" في الاتفاق النووي في حال انسحبت واشنطن منه.

وعزز موقف ولايتي، إعلان السفير الإيراني في بريطانيا، حميد بعيدي نجاد، أن بلاده ستدرس إلغاء الاتفاق النووي في حال انسحاب الولايات المتحدة منه.

وصرح نجاد بأن طهران: "ستكون مستعدة للعودة إلى الوضع السابق"، في إشارة إلى العودة لتخصيب اليورانيوم، وقال: "قسم كبير من الاتفاق تم الإخلال به وانتهاكه بشكل واضح".

وشدد وزير الخارجية محمد جواد ظريف على أن بلاده لن تعيد التفاوض على الاتفاق مع القوى الكبرى.

وقال الوزير في رسالة على "يوتيوب": "إيران لن تعيد التفاوض على ما تم الاتفاق عليه قبل سنوات وجرى تنفيذه. سنرفض أيضاً أي تصديق عليه".

وأضاف أن الولايات المتحدة: "دأبت على انتهاك المعاهدة، ولاسيما بتخويف الآخرين لمنع الشركات من العودة إلى إيران".

روسيا وألمانيا

وعلى صعيد ردود الأفعال الدولية، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إسرائيل لتقديم المعطيات حول استمرار إيران ببرنامجها السري للتسلح النووي، التي ادعت أنها حصلت عليها في عملية استخبارية، فوراً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال الوزير في مؤتمر مشترك مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي: "إذا كانت إسرائيل أو أي أحد كان، قد حصل على وثائق تؤكد كما يقولون، استمرار خطط تطوير أسلحة نووية في إيران، فيجب تقديم الوثائق فوراً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المسؤولة عن تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة".

وأضاف لافروف: "إن معلومات إسرائيل حول البرنامج الإيراني قد تكون من الماضي، الآن كل شيء تحت سيطرة الوكالة الدولية".

وفي برلين، تمسك وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعثر حتى الآن خلال فحصها لاتهامات إسرائيل ضد إيران على أي أدلة لانتهاك الاتفاق النووي من جانب طهران.

وأوضح ماس خلال زيارة للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أن الوكالة الدولية قامت بفحص الاتهامات وتوصلت إلى نتيجة مفادها بأنه لا يتبين وجود أي انتهاكات للاتفاق، على الأقل مما تم استخلاصه بشكل مباشر من المعلومات بقدر ما تم تقييمها حتى الآن.

ولكنه أكد أن الفحوصات لا تزال مستمرة هناك، وقال: "من المؤكد أنه ستتم مواصلة الفحص، وسوف ننظر في ذلك أيضاً بمنتهى الدقة".