"الورد لك... الشوك لي"، رواية للدكتور سليمان الشطي منعتها الرقابة في الكويت من النشر! قرأتها لأكثر من مرة، بحثاً عن مسوغ لاعتراض الرقيب عليها فلم أجد غير أنني أمام وثيقة اجتماعية ثقافية تؤرخ لكويت ما قبل ظهور النفط، وكويت ما بعد ظهور النفط، خطّها يراع كاتب متمرس متمكن، وقد سخّر لها من الكم المعرفي والثقافي بحيث ساح في التاريخ والعقائد وعلم الاجتماع والفلسفة والسياسة والفن، فضلاً عن ذلك البناء الدرامي الذي تميز به الدكتور الشطي.وأستطيع القول، بلا تردد، إن "الورد لك... الشوك لي" فوق مستوى فهم ذلك الرقيب الذي اعترض على تحفة أدبية نادرة في تاريخ القصة الكويتية المعاصر.
***• ربما أن ذهنية الرقيب قد اعتراها الخوف من وصف ليلة الزفاف التي وردت في صفحة 31، حيث يرويها العريس بالقول:"ليلة زفاف، زعيق الطبول والأضواء، ثم الدخول إلى الغرفة التي بدأت منيرة، ثم تلاشت الأضواء ليبقى سراج مزخرف، ليدل على فرادة هذه الليلة وبهجتها. جلس ينتظر...أصوات: عليك سعيد.. طبول.. وإيقاعات طيران متسارعة، أصوات رجالية تصدر من حناجر نسائية من طرف الباب الذي تُرك نصفه مفتوحاً، يُرى تزاحم بطيء، حركة ثم جلوس، قماش وردي يرتفع وينتفض فوق رأس العروس التي تحملها على الكرسي أربع نساء، ترتفع أرجل الكرسي بإيقاع رتيب، ثم تلامس الأرض، زمن يزحف زحفاً، ينتظر هذا البطء، إحساس بلحظة لا يدري كيف يصفها، هذا التلذذ النسائي بتمديد الزمن... دخلت العروس، ضحكات المرافقات لها، نظرات مختلسة لهذا الرجل الجالس وحيداً في الغرفة ينتظر مستقبله، طفرته من دنيا العزوبية الى متعة الزواج، بعضهن يتأمله، لم يعد يملك أي مبادرة إلا ما يفرض عليه التقليد، والواجب يتطلب نهوضه ليستقبل نصيبه، يأخذ بيدها، تتعثر، فتضغط بثقلها عليه، يجلسها... يخرجون.فضول يدفعه إلى التأمل بها ليرى حظه، الحيوان فيه يتطاول، التهاب الجسد، تحكم الأطراف بالمركز، ابتدأ الإنسان بالجسد، الكل ينتظر صرخة انبثاق الدم!يبدأ الصراع بسحب العباءة التي تغطيها، لتبدأ الطقوس الدينية، يده تنزع عباءتها، يفردها ليصلي ركعتين توصية من والده، ركعتا صلاة سريعة، ثم...مع الصراخ المنبعث من داخل الغرفة تزداد إيقاعات الطارات، المعركة في الداخل تواكبها، تغطيها طبول الحرب، حتى يتم الفتح الكبير، ثم...".***• قد يكون الرقيب قد اعترض على هذا المشهد، مما يدل على سذاجة ما بعدها سذاجة، ففي الرواية هناك مرافعة يقوم بها محامٍ، دفاعاً عن البطلة التي كتبت قصة وجّهت لها وزارة الإعلام تهمة ازدراء العقيدة، وكانت هذه المرافعة عبارة عن بحث أكاديمي تاريخي رائع، يؤكد بالأدلة القاطعة بطلان الكثير من التقولات التي ينسبها البعض الى القرآن والأحاديث، للنيل من مكانة المرأة. وقد أبدع الدكتور الشطي في تلك المرافعة أيما إبداع.***• فلو أن الرقيب لديه إلمام بالفلاسفة الذين جاءت على ذكرهم الرواية، أو على بينة من المفردات التي استشهد بها الدكتور الشطي لخجل من نفسه وهو يصدر قراراً بمنع مثل هذه التحفة الأدبية!
أخر كلام
الرقابة تقمع الإبداع!
05-05-2018