يتوجه اللبنانيون غداً لاختيار ممثليهم في البرلمان للمرة الأولى منذ تسع سنوات شهدت انقسامات سياسية حادة ناتجة عن تداعيات النزاعات في المنطقة والصراعات الإقليمية على النفوذ، وفي ظل توافق سياسي هش. وعلى الرغم من أن الانتخابات ستجري وفق قانون جديد يقوم على النظام النسبي، يتوقع أن تبقي على القوى السياسية التقليدية تحت قبة البرلمان مع تغيير في خريطة التحالفات السياسية بين الأحزاب.
فالعلاقة بين تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" تدهورت بقوة، رغم تحالفهما في دائرة الشوف. والأمر نفسه يسري على العلاقة بين المختارة والرابية. أما علاقة الأخيرة بمعراب، فهي الاخرى اهتزّت بفعل المواقف عالية السقف التي أطلقها في أكثر من مناسبة رئيس "التيار" وزير الخارجية جبران باسيل مصوّباً على حزب "القوات اللبنانية"، في ماضيها وحاضرها من حيث محاربتها "الفساد" سائلاً: "مش شايفين غيرنا"؟ الأمر نفسه يسري على المناخات بين "القوات" و"المستقبل"، التي وإن تحسّنت، إلا أنها بقيت "فاترة" بفعل تعثر الاتفاق الانتخابي بينهما. التضعضع أصاب أيضاً أسس تفاهم مار مخايل الذي يجمع "التيار" و"حزب الله". فالأول لم يهضم ترشيح الثاني شخصية شيعية في جبيل وطالبه بـ"احترام الآخر في المنطقة. ومثلما رفضنا أن يُستورد نوابنا، الآخر عليه أن يرفض مثلنا، ونريد أن نتبادل إما بالقبول وإما بالرفض". وما زاد الأجواء ضبابية بين الطرفين، حسم الضاحية منذ يومين أن الرئيس نبيه بري سيعود إلى سدة رئاسة البرلمان، علماً أن العلاقة بين الأخير و"التيار" تمرّ في أسوأ أيامها والتصعيد الكلامي بين الجانبين، أسطع دليل. وقالت مصادر متابعة، إن "وحدة حلف التيار-المستقبل صامد، مؤكدة أن "تفاهمهما ربما حصل قبيل التسوية الرئاسية، على زواج ماروني بينهما يبقى قائماً وعصياً على الكسر مهما تكن الظروف أو التعقيدات، وعلى بقاء الرئيس سعد الحريري في السراي ما دام الرئيس ميشال عون في بعبدا".
تحضيرات لوجستية
لوجستياً، وزّعت الأحزاب الكبرى في لبنان تعليمات لجماهيرها عبر الماكينات الانتخابية لتوزيع الأصوات التفضيلية على مرشحين محددين، في محاولة لمنع خرق اللوائح من قبل المُنافسين المُستقلين. إلا أن الماكينة الانتخابية المركزية لـ"حزب الله" نفت صحة "ما يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي من جداول حول توزيع الصوت التفضيلي على لوائح الأمل والوفاء في بعلبك الهرمل وغيرها من اللوائح المدعومة من الحزب في بقية المناطق"، قائلة، إنه "غير رسمي وغير صحيح". وأشارت في بيان أمس الى ان "آلية تنظيم الصوت التفضيلي تتم بطريقة وحيدة مباشرة عبر الماكينة الانتخابية في المناطق وفي المدن والبلدات والقرى".الصراف
إلى ذلك، وضعت الوزارات والأجهزة المعنية لمساتها الأخيرة على الاستعدادات إذ وصلت أمس صناديق الاقتراع إلى المحافظات تمهيداً لتسليمها إلى مراكز الاقتراع. وأعلن وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف أن "كامل مؤسسات وزارة الدفاع اتخذت الترتيبات والإجراءات كافة المرتبطة بالتنسيق مع وزارة الداخلية في تنظيم العملية الانتخابية وتوفير المناخ الآمن للمواطنين، للإدلاء بأصواتهم في جميع المناطق اللبنانية".وأكد الصراف في بيان أمس، أن "التحضيرات اللوجستية والأمنية اللازمة لمواكبة الاستحقاق الانتخابي، الذي يمثل إنجازاً جديداً لوطننا، اكتملت"، مشدداً على "أهمية دور القوات المسلحة، العين الساهرة على الوطن لتأمين سلامة المواطنين وحسن سير العملية الديمقراطية في أجواء من الطمأنينة والحرية". كما تمنى على المواطنين "المساهمة في إنجاح هذا الاستحقاق الديمقراطي الفريد الذي يساهم في ترسيخ الاستقرار في لبنان، لاسيما في ظل الأزمات، التي تحيط بنا، عبر الالتزام بالتعليمات والتحلي بالموضوعية واليقظة والتعاون وعدم الانجرار إلى الاستفزازات التي من شأنها إعاقة سير العملية الديمقراطية".في موازاة ذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال استقباله قبل ظهر أمس في قصر بعبدا رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات ايلينا فالنشيانو أن "الناخبين اللبنانيين المدعوين يوم الأحد المقبل لانتخاب ممثليهم في مجلس النواب وفق النظام النسبي للمرة الأولى في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية، يقترعون للخيار السياسي الذي يرونه لمصلحة وطنهم عندما يقترعون للائحة التي يختارون، وعندما يمنحون الصوت التفضيلي فإنهم بذلك يحددون من يؤيدون في اللائحة من بين المرشحين"، لافتاً إلى "نجاح الانتخابات في دول الانتشار". وأكد عون وجود خلاف بين لبنان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في النظرة الى سبل حل قضية النازحين السوريين، لافتا الى أن هذا الخلاف سيدفع بلاده الى "العمل على إيجاد حل لهذه الأزمة بمعزل عنهما".أرقام
فيما يأتي أبرز الأرقام المتعلقة بالانتخابات:• 3 مرات مدّد المجلس الحالي ولايته منذ آخر انتخابات في عام 2009.• 128 مقعداً في البرلمان، موزعة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.• 4 سيدات في مجلس النواب الحالي.• 15 دائرة انتخابية في مختلف المناطق اللبنانية.• 77 لائحة انتخابية مغلقة.• 597 مرشحاً انضووا في لوائح بينهم 86 امرأة.• 3.7 ملايين ناخب. • 82900 مغترب في 40 دولة سجلوا أسماءهم للاقتراع. • 59% من المغتربين شاركوا في الانتخابات.• 150 مليون ليرة (100 ألف دولار) سقف الإنفاق الانتخابي.• 1.5 مليون دولار كلفة رزمة دعائية كاملة على قنوات التلفزة اللبنانية.• 21 السن القانونية للانتخاب.• 26 سنة عمر غولاي الأسعد المرشحة الأصغر سناً. • 1.65 مليون ناخب اقترعوا في 2009 (51%) • 17 وزيراً في الحكومة الحالية مرشحون للانتخابات.