أول العمود:
ما قيل عن جمعية "الثقلين" الخيرية في جلسة الاستجواب يؤكد- وفي كل مناسبة- أن دخول السياسيين في هذا النشاط الخيري يشوهه ويثير الشكوك حول شفافيته.***ما إن تم تطبيق نظام "عافية" للتأمين الطبي حتى تحولت مهمة طبيب المستشفى المعالج إلى "مُرعب" يمارس طقوس "التخروعة" على متلقي العلاج، يدخل مريض الإنفلونزا حتى يرى نفسه في قسم الأشعة والتحاليل! وما إن يزور طبيبا لكتابة حبوب الضغط حتى يخرج منه حاملا جهاز مراقبة ضربات القلب (Holter Monitor) على جسده مع تحليل دم واختبار مجهود!طبعا، وبسبب أن مستشفيات الحكومة تقوم بتقديم علاجات وعمليات لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها فالسؤال هنا: لماذا تم اعتماد النظام أصلا؟ الإجابة هنا لا تخرج عن كونها تنفيعا للقطاع الخاص لأن المؤمن عليه لايزال يراجع جميع المراكز الصحية بنوعيها "بو بلاش" و"بو فلوس"؛ لأنه يبحث عن ضالته وهي العلاج، فلا المستشفى الحكومي قل الضغط عليه، ولا مستشفيات الخاص طورت خدماتها لتنافس خدمات الحكومة.حكومتنا دفعت لشركة التأمين السابقة 82 مليون دينار قيمة تأمين 100 ألف مواطن متقاعد، والعقد الجديد رسا على شركة جديدة بـ97 مليوناً أي بزيادة 15 مليوناً على خزينة الدولة، وأصبحت مهمة المستشفيات الخاصة شفط المبلغ كما تشفط الدهون من أجسام المرضى. السؤال هنا: هل قامت وزارة الصحة بدور رقابي على هذا المشروع؟ وهل قامت اللجنة الصحية البرلمانية بمتابعة أثر تطبيق هذا التأمين على الصحة العامة والمال العام بصفة أن نواب الأمة هم من شرع القانون؟ وهل هناك حالات تلاعب في تقديم العلاجات الوهمية؟ وما مدى رضا الناس على نظام التأمين الجديد الذي يبدو أنه شكل من أشكال تبديد الثروة؟ ولماذا مثلا تدخل فئة المتقاعدين من القطاع النفطي المؤمن عليهم من جهات عملهم إلى نظام "عافية"؟ ميزانية وزارة الصحة تقارب ملياري دينار، وهي في ازدياد لأنها مُكلَّفة بالقيام بالدور ذاته حتى مع نظام التأمين الجديد، كما أنها تخضع لابتزاز نواب البرلمان فيما يسمى "ملف العلاج بالخارج" الذي يكلف سنويا ما لا يقل عن 150 مليون دينار، وهو تحت نظر وضمير من انتخبهم الشعب للحفاظ على ثروته!من الواضح أن هذا الملف- التأمين الصحي- لن يلتفت له أحد خلال سنواته الأولى لأنه يُنظر إليه كهدية قدمت للقطاع الخاص والمتقاعدين بسبب إهمال الحكومة لهم بعد ترك وظائفهم وعدم الاستفادة من خبراتهم، خصوصا بعد مذبحة التقاعد الإجباري التي نالت الكثير من المؤسسات. نعم هي هدية، ومن أصول الإهداء عدم التتبع والترصد والمحاسبة لأنها ستتحول إلى مِنّة.مطلوب من اللجنة الصحية اقتراح تكليف ديوان المحاسبة دراسة هذا الموضوع من الناحية المالية والإدارية، فالمطلوب تقديم خدمة صحية حقيقية لا هدايا.
مقالات
«عافية» هل هي خدمة أم سبيل المرحوم؟!
06-05-2018