في محاولة لاستمالة حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا لتبني سياسة أكثر صرامة تجاه إيران، كشف مسؤول إسرائيلي أن مسؤولين استخباريين من فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا زاروا إسرائيل في الأيام الأخيرة، وتم إطلاعهم على النتائج الإسرائيلية التي تم الحصول عليها من خلال مجموعة من الوثائق الإيرانية، التي قالت تل أبيب، إنها نجحت في الاستيلاء عليها من طهران وتظهر سعيها لتطوير قنبلة نووية.وقال المسؤول، الذي لم تتم تسميته، للقناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، إن جميع المواد التي حصلت عليها إسرائيل في عملية استخباراتية جريئة ستقدم الأسبوع المقبل إلى الدول الثلاث، كذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وأوضح المسؤول الرفيع، في التصريحات التي أوردها الموقع الالكتروني لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أمس، إن تل أبيب نسقت كشفها عن الوثائق النووية مع «البيت الأبيض».يشار إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كشف الاثنين الماضي أن جواسيس إسرائيليين هربوا إلى خارج إيران نحو 100 ألف وثيقة وملفات مؤرشفة تعرض بالتفصيل طموحات طهران في مجال الأسلحة النووية وأبحاثاً في السنوات السابقة لتوقيع الاتفاق المبرم بين إيران والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا في 2015.ويأتي تزويد إسرائيل الأوروبيين بالوثائق قبل أيام من الثاني عشر من مايو الجاري، وهو الموعد المحدد ليعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفه بشأن تمديد رفع العقوبات عن إيران أو الانسحاب من المعاهدة.
تحذير فرنسي
وفي وقت سابق، حذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من أن إقدام نظيره الأميركي، على الانسحاب من الاتفاق مع إيران، قد يؤدي إلى نشوب حرب حقيقية.وذكر ماكرون، أن اتخاذ هذا القرار سيعني اندلاع حرب، مضيفاً أنه لا يعتقد أن ترامب يريد حرباً.وكان الرئيس الفرنسي، دعا إلى بدء مفاوضات بشأن اتفاق جديد مع إيران يفرض قيوداً على اختباراتها الصاروخية وتدخلاتها في شؤون دول الشرق الأوسط، إضافة إلى معالجة مستقبل تخصيبها لليورانيوم بعد 2025.اقتتال وتهميش
ويرى مسؤولون ومحللون، أن المحافظين في إيران يستعدون لزيادة الضغوط على الرئيس المعتدل حسن روحاني إذا ما قرر ترامب إلغاء الاتفاق النووي.وقال مسؤولون إيرانيون، إن نسف المعاهدة يمهد الطريق أمام عودة «الاقتتال السياسي» داخل الهيكل المعقد للسلطة في إيران.وإلغاء الاتفاق يجعل ميزان السلطة في مصلحة المتشددين، الذين يسعون لتقييد قدرة روحاني المعتدل نسبياً على الانفتاح على الغرب.وقال مسؤول إيراني كبير، طالباً عدم نشر اسمه، إن الأضواء ستتسلط على القرار الذي سيتخذه ترامب لكن سيكون هناك استعراض لوحدة الموقف في طهران. وأضاف: «لكن عندما تنتهي الأزمة سيحاول المحافظون إضعاف الرئيس وتهميشه».وذكر أحد أقارب المرشد الأعلى علي خامنئي إنه لا يمكن للرئيس أن يتوقع أي ضعف في نظام حكم رجال الدين في إيران نتيجة للغموض المحيط بالاتفاق النووي، مما يعني أن «روحاني سيكون في وضع الخاسر».والمخاطر كبيرة بالنسبة لروحاني. وإذا انهارات المعاهدة فإنه قد يصبح ضعيفاً من الناحية السياسة، لأنه روج للاتفاق الذي أدى إلى رفع العقوبات الاقتصادية مقابل كبح طهران برنامجها النووي، في وقت يتوقع أن تتلاشى أي آمال للتحديث في البلاد المحافظة خلال المستقبل القريب.لكن الأمر ينطوي على توازن حساس. فخامنئي الذي منح روحاني دعماً حذراً للانفتاح واحتفظ بنفوره من واشنطن، يدرك أن الإيرانيين، الذين تظاهر الكثيرون منهم في الشوارع احتجاجا على ارتفاع أسعار الغذاء، لا يمكنهم تحمل ضغوط اقتصادية كبيرة.ضعف واستكمال
غير أن المؤسسة لا تريد الكثير من الانفتاح على الغرب رغم الفوائد الاقتصادية المحتملة. وقال مسؤول كبير آخر، إن روحاني الضعيف غير القادر على تطبيق مثل هذه السياسات سيكمل على الأرجح فترته التي تنتهي في عام 2021.وقال المسؤول: «عزله سيكون علامة على ضعف النظام. سيضر بشرعيته في الخارج. لكن سيلقى عليه اللوم وسيواجه ضغوطاً بسبب الضائقة الاقتصادية».وعلى الرغم من التهديد بالانسحاب إذا وأد ترامب الاتفاق، فإن مسؤولين إيرانيين قالوا إنه «طالما لم تستبعد طهران من النظام المالي والتجاري العالمي»، فإنها قد تفكر في الالتزام بالمعاهدة.تقوية الحرس
وتحجم الكثير من الشركات الأجنبية عن الاستثمار في إيران لقلقها من العقوبات الأميركية أحادية الجانب على الجمهورية الإسلامية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب وهيمنة «الحرس الثوري» على اقتصاد البلاد.وهذه نقطة أخرى تعرض روحاني للخطر. وسعى الرئيس الإيراني دون نجاح يذكر لكبح أنشطة الحرس الاقتصادية من أجل جذب الاستثمار الأجنبي، لكن الحرس الذي يقوده خامنئي تجاهل محاولات الحكومة للحد من تدخله.وإذا انهار الاتفاق النووي، فإن أي سلطة يملكها روحاني للحد من التدخل ستتقلص بشكل أكبر مما سيعطي دفعة للمحافظين الذين يريدون كبح سلطات الرئيس.وإذا أُعيد فرض العقوبات نتيجة لانهيار الاتفاق، فإن الحرس الثوري في وضع جيد لتفاديها. وأدت المخاوف بشأن عمل عسكري إسرائيلي محتمل ضد منشآت إيران النووية إلى تعزيز قوة «الحرس» المسؤول عن الأمن داخل البلاد وخارجها.