في الصباح الباكر، انتظرت حنين ترجمان بفارغ الصبر فتح أحد مراكز الاقتراع في بيروت، تمهيداً للإدلاء بصوتها في الانتخابات التشريعية في تجربة تخوضها للمرة الأولى في حياتها، آملة وصول وجوه جديدة إلى البرلمان.

وحضرت هذه الشابة الأنيقة بحماسة إلى مركز الاقتراع داخل مدرسة في منطقة رأس النبع، بعد شهر من بلوغها 21 عاماً، وهي السن التي يحددها القانون اللبناني للمشاركة في الاقتراع.

Ad

على مقربة منها ومن ناخبين آخرين انتظموا في صف طويل، انتشر مندوبو الأحزاب التقليدية التي تخوض الانتخابات على لوائح متنافسة. بعضهم وضعوا على رؤوسهم قبعات عليها صورة رئيس الحكومة اللبنانية، رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، والبعض الآخر ارتدى قمصاناً تحمل شعار "حركة أمل" التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري.

وتقول حنين لـ"وكالة فرانس برس": "نحن في بلد يضغط حكامه علينا لناحية من سننتخب. ولكن علينا أن ننتخب مرشحين جددا من أجل التغيير"، مضيفة "شعور جميل أن أشعر بانتمائي الى وطني".

وتبدي الطالبة التي تدرس اختصاص التربية في "الجامعة اللبنانية" حماسة للانتخاب لمصلحة لائحة من خارج الاصطفاف السياسي التقليدي في لبنان، رغم محاولة اصدقائها اقناعها بأنه لن يكون من السهل تغيير الطبقة السياسية الحالية.

وتوضح وهي ترتدي قميصاً زهري اللون وتغطي رأسها بحجاب أبيض أنها ستنتخب لمصلحة لائحة "كلنا بيروت" التي تضم ناشطين ووجوهاً جديدة في دائرة بيروت الثانية.

ودعت حنين الجميع قائلة "انتخبوا من تجدونه مناسباً وليس للجهة التي تنتمون اليها، لأن الانتماء لن يأتي بنتيجة".

وتجرى الانتخابات وفق قانون انتخابي يقسم لبنان الى 15 دائرة، تتواجد اثنتان منها في بيروت وتضمان 19 مقعداً موزعة بين المسيحيين والمسلمين.

ويخوض عدد من المرشحين الأقوياء بينهم الحريري الانتخابات في بيروت، حيث وضعت صور عملاقة له في الشوارع منذ أسابيع ولافتات داعمة، على غرار بقية المرشحين.

وجرت الانتخابات في لبنان، أمس، بعدما مدد البرلمان الحالي ولايته ثلاث مرات متتالية، متذرعاً بالانقسامات السياسية ازاء ملفات عدة بينها قانون الانتخاب، قبل أن يتم التوافق على القانون الراهن العام الماضي، وبالخشية من مخاطر أمنية على وقع النزاع في سورية المجاورة.

ويقول علي الأحمد (21 عاماً) الذي وصل الى مركز الاقتراع قبل وقت قصير من فتحه عند السابعة صباحاً: "أنتخب اليوم للمرة الأولى، وأتيت بحماس"، مبديا دعمه المطلق لمرشحي "حزب الله".

وأوضح: "كما كنا على الجبهات والسواتر سنكون وراء (الحزب) في صناديق الاقتراع. نريد أن يكون بلدنا قوياً واقتصاده قوياً".

ويتوقع محللون أن يكون الحزب "المستفيد الأكبر" من نتائج الانتخابات التي تجري وفق قانون جديد يقوم على النظام النسبي.

وإلى مركز الاقتراع، توافد عشرات الناخبين، بينهم عدد من المسنين ساعدهم شبان من أقربائهم على الدخول الى غرف الانتخاب بعد إرشادهم حول آلية الانتخاب.

وفي الخارج، عملت الماكينات الانتخابية على توزيع وجبات على مندوبي وممثلي اللوائح الموجودين داخل خيم وضعت خصوصاً لهم.

في منطقة الطريق الجديدة، حيث يحظى "تيار المستقبل" بنفوذ شعبي، حضر الشاب سوار ابراهيم للانتخاب، آتياً من منطقة أخرى يقيم بها في العاصمة.

وعلى غرار حنين وعلي، يقول ابراهيم: "بلغت الواحدة والعشرين في الأول من يناير. هذه أول مرة أنتخب فيها، وآمل ألا أصاب بخيبة" لدى انتظاره أن يحين دوره للدخول الى غرفة الاقتراع.

ويشرح الشاب، الذي يعمل في مجال الفنون البصرية، أنه تلقى عروضاً مالية مقابل الانتخاب للأحزاب التقليدية، لكنه قرر عوضاً عن ذلك انتخاب لائحة "كلنا بيروت"، على أمل أن يتمكن مرشحوها في حال وصولهم الى البرلمان من سن تشريعات تحمي الأقليات الجندرية وحقوق الانسان والاستشفاء.

ويعرب سوار عن شعوره بالقلق لدى توجهه الى المنطقة التي ينحدر منها، لافتا الى أنه قبل مجيئه الى مركز الاقتراع "كان علي أن أرتدي عكس ما أرتديه في العادة لآتي وأنتخب بأمان".

وأضاف "تخليت عن قرطي الأذنين، إذ كان عليّ أن أظهر كما يُفترض بالرجل أن يكون".

ورغم ذلك، يبدي هذا الشاب رضاه عن المشاركة في الانتخاب.

ويقول "أنا هنا وعلى الاقل حاولت. لا اريد ان أمضي أربع سنوات في المنزل نادماً لانني لم أقترع"، مضيفا "لا بأس أن تكون خائفاً، هذا هو التحدي. كن خائفاً وانتخب".