«نسوة في مهب الريح» عنوان يعكس نظرة تشاؤمية إلى واقع المرأة رغم كل هذا التطور وكل هذه التكنولوجيا، لماذا هذه النظرة التشاؤمية؟

ليست نظرة تشاؤمية إلى واقع المرأة بالمطلق، بل محاولة جديدة لإطلاق العنان للمرأة من أجل الانتفاض والتمرد على المعتقدات الخاطئة التي ما زالت تكبلها وتجعلها ترضخ للظلم ولا تحاول التخلص منه أو مقاومته.

Ad

كيف تقيّمين واقع المرأة اليوم؟

نهضت المرأة اليوم في المجتمعات الذكورية التي كانت تحاربها، وتحررت إلى حد ما من معتقدات خاطئة تناقض وعيها، ومن دون أن تحدث عراكاً مع من حولها، فبدأ يظهر كيان المرأة وإصرارها على أن تكون سيدة نفسها وقرارها، حرة ولها الأحقية في اختيار طريقها في الحياة.

لكن، للأسف الشديد، ما زالت نساء كثيرات يخشين الانتفاض وقول كفى للظلم، لا سيما أن ثمة قوانين ما زالت مجحفة بحقهن. ورغم تطور المرأة فإن المجتمع لم يتطور بشكل كامل ويقبل بواقعها الجديد. وأكبر مثال على ذلك معاناتها مع بعض المحاكم الشرعية للحصول على حضانة أطفالها، وحرمانها في كثير من البلدان من أبسط حقوقها ألا وهو إعطاء جنسيتها لأولادها.

واقع وعبرة

يتضمن الكتاب حكايات حول حالات تعانيها المرأة، سواء في المدن أو في القرى، أو  في أي مكان، ما الجديد الذي تقدمه هذه الحكايات مع العلم أن واقع المرأة تمّ التطرق إليه في مئات المؤلفات الأدبية وغيرها؟

لطالما آمنت بأن أية تجربة يحمل فيها الإنسان قلمه ليكتب، غالباً ما يكون هدفه إيصال رسالة إلى المجتمع، وهذا ما أردته من الكتاب، لا سيما أن الحكايات الموجودة فيه هي من واقع الحياة، جمعتها علها تكون عبرة لأخريات، كي يبحثن عن انطلاقة جديدة.من خلال معايشتي مشكلات المجتمع التقطت مشاكل موجودة في كل بيت وحارة وشارع، قد لا تتحدث عنها المرأة خوفاً من المجتمع والعادات والتقاليد، وحاولت من خلال «نسوة في مهب الريح» تقديم نصائح للمرأة عبر الاختصاصية نسرين نجم لتتمكن من مواجهة واقعها الأليم والتغلب عليه.

قد تكون كثيرات سبقنني في طرح المشكلات، لكن محاولتي هذه تتميز بأنها طرحت المشكلة والحل أو على الأقل بحثت عن الحل.

إلى أي امرأة تتوجهين؟ المرأة الشابة لتتعظ من الماضي أم المرأة المخضرمة لتثور على واقعها؟

أتوجه إلى كل امرأة في المجتمع العربي، سواء كانت شابة لتتعظ من الماضي ولا تقع في الأخطاء نفسها، أو امرأة مخضرمة عايشت تلك الحكايات ولم تتمرد على واقعها.

كما قلت سابقاً الكلمة أمانة، وبوسع القلم أن يغيّر الواقع، ويترك بصمة في قلب القارئ تدفعه في بعض الأحيان إلى التمرد على الواقع الأليم والسعيِ إلى الخروج منه.

وهذا ما أردته، فبين دفتي هذا الكتاب الصغير، حكايات من واقع الحياة، أردت جمعها، علها تكون قناديل هادية لأصحابها أولاً، ولكل من يقرأها، ثانياً.

إلى أي مدى يعكس الكتاب تجاربك الشخصية كامرأة تعيش في هذا الشرق؟

التجربة التي نقلتها في كتابي لم تكن تجربة شخصية لي كامرأة، إلا أن النسوة الموجودات في قصصي هن نساء أعرفهن عن كثب، فكل من يقرأ «نسوة في مهب الريح» يجد نفسه قريباً إلى إحدى الشخصيات، فمن منا لا يعرف امرأة تضحي بكيانها وحقوقها لأجل عائلتها؟ ومن منا لا يعرف امرأة متزوجة من أجنبي وتفترش الطرقات متظاهرةً للحصول على جنسية لأطفالها؟ ومن منا لم يتعرف إلى سيدة حرمت من حقها في حضانة أطفالها باسم الدين؟

«نسوة في مهب الريح» ينقل واقع امرأة ما زالت مقيدة نسبياً بأغلال العادات والتقاليد التي تزيد من أزمتها ومعاناتها التي يفرضها عليها الوسط الذي تعيش فيه.

رغم التقاليد الجائرة التي تكبل المرأة نجد أسماء لامعة برزت في مجالات عدة، فأين هذه المرأة الناجحة في حكاياتك؟ 

المرأة الناجحة تعيش في حكاياتي، وهي التي قالت كفى للظلم، وكسرت قيود المجتمع، وانطلقت في رحلة البحث عن الذات.

نعم بعض البطلات في رواياتي لم يستسلمن أبداً وإنما غيرن واقعهن وأصبحن نساء ناجحات في المجتمع.

فلو قرأت مثلاً حكاية آمال التي قالت في نهاية قصتها: «للمرة الأولى كنت أقوى من الواقع الذي لفّ حياتي وأكثر تصميماً على وضع حد لمأساتي، فأنا أريد أن أعود إلى ذاتي التي غادرتني حين قررت الصمت والخنوع»، وهذا ما فعلته، وثمة نساء أخريات غيرن واقعهن الأليم.

رسالة وموضوعية

تعتمدين الموضوعية والتجرد في حكاياتك، وكأن الفكرة هي الأساس أكثر من الأسلوب، فهل الكتابة بالنسبة إليك تعبير عن حالات أكثر منها صناعة لغوية؟

باختصار، «نسوة في مهب الريح» هو، وكما وصفه رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور وجيه فانوس، نوع جديد وبسيط في الكتابة، كما لو أنه  يعكس واقع المرأة وما نراه في مجتمعاتنا، وفي أيامنا بكل موضوعية وتجرد.

والهدف منه إيصال رسالة قوية اللهجة إلى المرأة والمجتمع بعدم القبول بالظلم والتمرد عليه، أينما وجد، سواء في البيت أو الجامعة أو العمل. إلخ...

وهو بعد ذلك كله تجربتي الأولى في عالم القصة القصيرة.

تنتشر أخبار بشكل يومي على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام حول الظلم الذي تعانيه المرأة، فهل استوحيت منها مادة لحكاياتك؟

بالتأكيد، فنحن اليوم نعيش في مجتمع مترابط، مجتمع أصبح بحكم انتشار استعمال مواقع التواصل الاجتماعي منفتحاً على بعضه البعض، فعندما تقرأ مثلاً كلام سيدة تتحدث عن معاناتها للحصول على حضانة أطفالها لا يمكنك إلا أن تتأثر وتصبح جزءاً لا يتجزأ من القضية. كلنا نتواصل اليوم مع بعضنا البعض ونعرف مشكلات بعضنا ومعاناتنا. صحيح أن البعض انجرف في نشر حياته الخاصة التي أصبحت مباحة للجميع، إلا أن البعض الآخر تمكن، بفضل تلك المواقع، من الاستفادة والحصول على استشارة ما أو نصيحة ما.

المرأة الجديدة

أين موقع الخيال في الحكايات؟

الخيال، هو عندما أتمكن من جمع تلك النسوة في مكان واحد، ليرتشفن فنجان قهوة، وتروي كل واحدة منهن حكاياتها، علها تأخذ الدعم المعنوي أو النصائح من الأخريات، وتخرج الألم الذي يسكن قلبها علَّ ذلك يخفف عنها بعض معاناتها.

كيف ترسمين دور المرأة اليوم وسط كل هذا التطور وثورة الاتصالات؟

دور المرأة الجديدة ترسمه بنفسها من خلال كفاحها اليومي لإثبات وجودها. ترسمه الطبيبة في عيادتها أو مستشفاها، والمهندسة في موقعها، والمعلمة في مدرستها وجامعتها، والعاملة في كل مهنة في مكان عملها، الجديرة منهن ترسم طريق مستقبلها بنفسها، أما في كتابي فأنا أكتب عن اللواتي حرمتهن الظروف في أكثر الأحيان من هذه الفرصة.

قصدت في كتابك طرح حلول وليس عرض المشكلة فحسب، ما الهدف من ذلك؟

أردت وضع وردة وبذرة أمل على كل جرح غائر لينبت أملاً بفجر جديد وإشراقة مليئة بالطموح والتحدي.

سلاحي القلم

«نسوة في مهب الريح» كتاب ميسم حمزة الأول فماذا بعده؟ تجيب: «نسوة في مهب الريح» هو بداية المشوار، وأنا لن أستسلم، وإنما سأحاول، ما دام في داخلي قلب ينبض، أن أعمل على مساعدة كل من يحتاج إلى المساعدة».

وتضيف: «قد يكون سلاحي القلم، ولكن سلاحي سيرسم الطريق أمام كثيرات ممن ينظرن إلى الواقع بألم ليبحثن عن انطلاقة جديدة وغد أجمل، فانتظروني»...