السكك الحديدية حلم أم حقيقة؟
المواصلات بأنواعها البرية والبحرية والجوية تقرب المسافات وتقوي التواصل والاتصال، وتقدم خدمات للناس بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية للمناطق التي تمر بها، وهي بدون شك مشروعات استراتيجية سعت إليها الدول المتقدمة، وتتعثر في الدول النامية، ونأمل أن يعم الاستقرار وتتحقق مثل تلك المشاريع على أرض الواقع.
استلمت قبل أيام كتاباً بعنوان "مشروعات السكك الحديدية في الشرق الأوسط"، وهو ترجمة عن الفرنسية للأستاذ الدكتور محمد المرزوقي. أولاً، أشكر د. محمد على هذه الهدية، ثانياً، قرأت الكتاب بعناية لأتعرف على هذا النوع من وسائل المواصلات قبل أكثر من قرن من الزمان، وهي مشاريع أوروبية نأمل أن تكون اليوم وفي المستقبل محلية وطنية، والكتاب عبارة عن وثائق فرنسية عن تلك المشاريع البريطانية والألمانية والفرنسية والروسية، وكان بعضها يخترق سورية ومصر والعراق وصولاً إلى الخليج العربي، وبدون شك هذه مشروعات اقتصادية ذات أهداف سياسية، بيد أن لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المحلي لهذه الدول التي تمر بها السكك الحديدية.
لقد كانت تلك المشاريع شبكة من السكك الحديدية لعدد من الدول التي كانت تعيش صراع نفوذ في تلك المرحلة وهي بداية القرن العشرين، وهذه السكك تمتد طولاً وعرضاً من العراق فتركيا فسورية فمصر إلى رأس الخليج العربي حتى حدود الكويت، وكانت تلك السكك تمر بعدد من المدن والتجمعات السكانية، ومناطق الإنتاج الزراعي، وتساهم في النقل الذي كان تقليدياً في السابق. لقد كانت هناك أهدافٌ سياسية واقتصادية للقوى الاستعمارية آنذاك من التنافس في تلك المشاريع على حساب الدولة العثمانية المنهارة وغيرها، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الدول في الشرق الأوسط لم تحيِ وتطور وتستخدم تلك المشاريع، أي السكك الحديدية بعد استقلالها، وتطورها القطري الوطني، وأتذكر مرة أنني كتبت مقالاً كان حلماً في ليلة متفائلة بأنني ركبت قطار الخليج العربي من الكويت إلى مسقط مروراً بالدمام والبحرين ودولة الإمارات وقطر، وبعد اليقظة لم أجد القطار ولا سكة الحديد! وعلمت بعد ذلك أن مشروعاً كهذا في الطريق.شكراً للزميل الأستاذ الدكتور محمد المرزوقي على كتابه، وشكراً لمركز البحوث والدراسات الكويتية على إصدار هذا الكتاب المهم، على الرغم من أن تلك المشاريع قد أصبحت في ذمة التاريخ، لكن إحياءها قد يوحي بالأمل لتحقيقها وطنياً في المستقبل؛ لما لها من أهمية وآثار اجتماعية واقتصادية وسياسية، فالمواصلات بأنواعها البرية والبحرية والجوية تقرب المسافات وتقوي التواصل والاتصال، وتقدم خدمات للناس بالإضافة إلى الآثار الاقتصادية للمناطق التي تمر بها، وتلك التي هي بالقرب منها، إنها بدون شك مشروعات استراتيجية سعت إليها الدول المتقدمة، وتتعثر في الدول النامية، ونأمل أن يعم الاستقرار وتتحقق مثل تلك المشاريع على أرض الواقع.