قبيل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره المرتقب بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، توقع الرئيس حسن روحاني مواجهة بلاده صعوبات على مدار أشهر في حال انسحاب البيت الأبيض، في حين شدد مسؤول إيراني كبير على أن بلاده لن تقبل مطالب أوروبية خارج المعاهدة المبرمة في 2015 لإقناع واشنطن بالبقاء.

وأقر الرئيس المعتدل، الذي روج للاتفاق بين بلاده والقوى الكبرى "5 + 1" بأن "من الممكن أن نواجه بعض المشكلات لشهرين أو ثلاثة، لكننا سنتجاوز ذلك".

Ad

وأكد روحاني، الذي ألمح إلى إمكانية البقاء في الاتفاق حتى إذا انسحبت واشنطن، رغبة بلاده بالاستمرار في "انخراط بنّاء مع العالم"، في إشارة إلى أوروبا، التي عقدت عدداً من الصفقات التجارية مع إيران منذ إبرام الاتفاق التاريخي.

وأضاف: "سواء كنا في ظل عقوبات أم لا يجب أن نقف على قدمينا. هذا مهم جداً لتنمية بلادنا".

تحدّ... وخاسر

وغداة تشبث روحاني بنفوذ بلاده في المنطقة، أكد رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، أن إيران لن تبقى "مكتوفة الأيدي لكنها لن ترد باستعجال" في حال بدأت واشنطن مواجهة.

وشدد شمخاني على أن أوروبا ستكون الخاسر الأكبر في حال تماشت مع السياسة الأميركية الرامية إلى تحقيق المزيد من الامتيازات على حساب طهران عبر توسيع الاتفاق ليشمل برنامج التسلح الصاروخي وأنشطة إيران بالمنطقة، وقال إن الانسحاب لن يكون في مصلحة واشنطن.

وتحدث المسؤول الإيراني عن

3 أهداف تعتمدها واشنطن للتعامل مع الوضع الراهن، موضحاً أن "البيت الأبيض" يهدف إلى تجريد الاتفاق الدولي من مضمونه واستنزاف طهران والحصول على امتيازات أوسع قبل تخريب المعاهدة كلياً. ولم يستبعد شمخاني نسف ترامب للمعاهدة.

وفي وقت تشدد إسرائيل تهديداتها بالدخول في مواجهة مباشرة مع طهران، اعتبر رئيس أركان الجيش الإيراني الميجر محمد باقري أن قوة بلاده العسكرية ستحبط أي تهديد.

وقال نائب قائد "الحرس الثوري" العميد حسين سلامي إن "إيران ليست خائفة من أي عقوبات أميركية أو هجوم عسكري ومستعدة لأسوأ السيناريوهات".

تمسك وتحذير

وبينما صرح مسؤول إيراني كبير، رفض ذكر اسمه، بأن بلاده لن تقبل مطالب أوروبية تلحق بالاتفاق النووي لإقناع واشنطن بالبقاء، أكد الاتحاد الأوروبي ضرورة الحفاظ على المعاهدة، في حين ذكرت وسائل إعلام أميركية أن وزير الخارجية مايك بومبيو ألمح إلى وزراء خارجية الدول الأوروبية بأن ترامب اتخذ قراراً بالانسحاب من المعاهدة.

وقالت ماجا كوسيجانسيك المتحدثة باسم الممثلة العليا للاتحاد نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني، في بروكسل، إن الاتحاد يرى أن الاتفاق الإيراني "ناجع" وسيواصل تنفيذ التزاماته وحماية مصالح الشركات الأوروبية.

وحذر الاتحاد من "التصعيد بشأن إيران خلال الأيام المقبلة". ودعا إلى الإبقاء على الحوار مع جميع الجوانب من أجل الحيلولة دون أي تفاقم لا يمكن السيطرة عليه.

والتقى مسؤولون رفيعو المستوى من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكذلك رئيسة هيئة العمل الخارجي الأوروبي هلجا شميت في بروكسل مع نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أمس أن المباحثات توفر المقومات اللازمة لـ"الحفاظ على الاتفاق النووي وتنفيذه".

وتم التأكيد خلال اللقاء أن الأوربيين مازالوا يعولون على الاتفاق الإيراني والتنفيذ التام له بدافع مصالحهم الأمنية الخاصة، وتمت الإشارة إلى أن لوائح الرقابة والشفافية التي يكفلها الاتفاق، كذلك القيود التي يفرضها على البرنامج النووي الإيراني حققت المزيد من الأمن.

وفي موسكو، حذر الكرملين، من أن انسحاب الولايات المتحدة المحتمل ستكون له عواقب وخيمة.

لهب... واتهام

في الأثناء، اعتبرت وزيرة دفاع فرنسا، فلورنس بارلي، أن إضعاف الاتفاق مع إيران سيلهب منطقة مشتعلة.

ورأت بارلي، أن الاتفاق ليس مثالياً، لكنه نجح في تعليق البرنامج النووي العسكري لطهران، وأن الإيرانيين يحترمون الاتفاق، قائلة، إن "الاتفاق عامل للسلام والاستقرار في منطقة مشتعلة بشدة".

وفي وقت تدعم إسرائيل إلغاء الاتفاق النووي وتقول إنها حصلت على وثائق تثبت انتهاك إيران له، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طهران، بنشر "أسلحة خطيرة جداً" في سورية في إطار حملة لتهديد تل أبيب.

وقال نتنياهو، للصحافيين خلال زيارة لقبرص، أمس، إن إيران "تدعو علناً ويومياً لتدمير إسرائيل ومحوها من على وجه الأرض وتمارس عدواناً لا هوادة فيه ضدنا".

انتقاد ومعارضة

وقبل ساعات من إعلانه موقفه بشأن الاتفاق، انتقد ترامب، وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، ملمحاً إلى أنه يسعى إلى إقناع أطراف في الولايات المتحدة، (الديمقراطيون)، وخارجها، بالإبقاء على المعاهدة المبرمة في 2015 إبان توليه حقيبة الخارجية بعهد الرئيس السابق باراك أوباما.

وقال ترمب في "تغريدة" على "تويتر": "كيري لم يستوعب أنه أعطي فرصة، إلا أنه أخفق وفشل".

وأضاف: "ابق بعيداً عن المفاوضات جون، أنت تؤذي بلادك".

في المقابل، حذر كيري أمس، من "سباق تسلح جديد" يجري ويعرض للخطر معاهدات تتضمن حظر الصواريخ النووية متوسطة المدى والأسلحة الاستراتيجية، التي أنهت سباق التسلح بين واشنطن والاتحاد السوفياتي.

وتحدث كيري، من ميلانو، قبل إعلان ترمب المخطط حول ما إذا كانت واشنطن ستنسحب من الاتفاق بين طهران والقوى العالمية، قائلاً: "نجد أنفسنا بشكل خطير اليوم مع بعض الأفراد الذين يتحدثون عن سباق تسلح جديد".

وأضاف أن "الأموال التي ستكلفها هذه الخطوة ينبغي أن تذهب إلى الصحة وبناء المدارس والبنية التحتية وبناء المستقبل، بدلاً من صنع الأسلحة.

ويبدو أن كيري أطلق خلال الفترة المنصرمة "دبلوماسية ظل" موازية لإدارة ترمب، وتوسعت تحركاته لتشمل عدة أطراف معنية بالاتفاق. فقد التقى مرتين، خلال شهرين، بوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لمناقشة سبل الحفاظ على الصفقة. كما تحدث بشكل منفصل مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومديرة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني. كما أنه أجرى عشرات المكالمات والاتصالات بأعضاء في "الكونغرس".

وأعلن إد رويس، نائب جمهوري يتولى رئاسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، أمس، معارضته لانسحاب بلاده المحتمل من الاتفاق الإيراني. وقال رويس، في تقرير أعدة لجلسة بشأن إيران، إنه يخشى من أن يتسبب الانسحاب في انتكاسة لجهود كبح برنامجها النووي.

ودعا إلى مواصلة جهود إصلاح عيوب المعاهدة، محذراً من أن مغادرتها لن تعيد النقود، التي أرسلت إلى النظام الإيراني ولن تزيد حماس الحلفاء للتصدي لأنشطته.