هيا نصطاد تعباً!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
إذا كنا ملزمين بدفع مقدار من التعب مقابل وجودنا في الحياة، فمن الغبن ألا نستمتع بالخدمة! فإذا كانت الحياة بطاقة زمن "مسبقة الدفع"، فلنفكر بطريقة ما تجعلها تستحق الثمن، ولنبدأ أولا بعدم هدر الوقت في البحث عما ليس فيها، وتحديدا لنوقف البحث عن الراحة، أو فلنُعِد رسم ملامح لها غير تلك التي نحملها في مخيلتنا، تلك الصورة المشتهاة للراحة، والتي نصبغ بها جدران أوهامنا لابد من إحراقها وهدم ذلك الجدار، فحلم الحياة من دون أن ندفع الثمن من راحتنا طريقُ تعب شائك لا نهاية له.يقول هنري ثورو: "وسائل المتعة والراحة في الحياة لا مفر منها، رغم أنها المعوق الرئيسي لعلو الجنس البشري"!أما الخطوة التالية، والتي أظنها الأصعب هي إعادة صياغة الصورة السلبية للتعب في أذهاننا، والتي صوّرته "بعبعاً" يركض خلفنا ليلتهمنا، وإذا ما وجدنا ملجأ من الراحة لا نكاد نفارقه من الخوف، إن نحن أردنا الراحة في الحياة لا بد أن "نصطاد" التعب وليس الهرب منه، لا بد أن نبحث عنه بدلا من بحثه هو عنا، عبدالرحمن الكواكبي يقول: "إن الخوف من التعب تعب، والإقدام على التعب راحة"! هذه هي الحيلة التي قام بها الإنسان للتعامل مع تعب لابد منه، وهي استثمار التعب المدفوع جبرا عن طريق اختيار التعب، ولهذا مثلا يتطوع الناس في الأعمال الإنسانية وأحياناً الشاقة، وذلك لأنهم يجنون في المقابل راحة روحية، كذلك المبدعون، المفكرون، وكل أولئك الذين أحسنوا اختيار تعبهم ففتح لهم الطريق لمتعة الحياة رغم أنف الشرير، كل ما تطلبه الحياة منا: حسن اختيار التعب!