لبنان... و«الشيزوفرينيا» الخليجية!
اختار اللبنانيون، الأحد الماضي، ممثليهم ببرلمانهم الوطني، في ممارسة أراها شخصياً، ومثلي كثيرون، عملية لا علاقة لها بالديمقراطية، في ظل تقسيمات طائفية ومذهبية وتحت ظل سلاح طائفة من الشعب اللبناني. ما علينا... قضية الانتخابات اللبنانية يفترض أن تكون شأناً داخلياً لولا تمدد تدخل اللبنانيين لخارج حدودهم من سورية إلى اليمن، ومن العراق حتى صحراء المغرب.كلام البعض عن أن من يقوم في لبنان بالتدخلات السلبية في شؤون الدول العربية هم طائفة من اللبنانيين هو كلام فارغ، لأنهم ينطلقون من قواعد في لبنان، فإن لم تفرض الدولة سيادتها على كامل أراضيها، والقانون على كل مواطنيها، فلا يمكن التعامل معها بعلاقات طبيعية، وفقاً للاتفاقيات والبروتوكولات والقوانين الدولية، أو إخلاء مسؤولياتها عما يقوم به مواطنوها على أرضها.
وعموما، فإن انتخابات 6 مايو الجاري أنهت هذه الحجة، فبعد أن فاز حزب الله اللبناني وحلفاؤه بالأغلبية البرلمانية، أصبحت هذه الميليشيا هي الدولة؛ برلماناً وحكومة ورئاسة! بالتأكيد أن رفاهية وأمن الأشقاء اللبنانيين هما أمر يهم كل عربي، وأنا منهم، ولكن واقعهم مختلف، فمنهم فئة توغل في ضرر أمتها العربية وأشقائها المسلمين، وكان آخر ذلك قيام حزب الله بالعبث في استقرار المملكة المغربية، عبر تدريب جماعة البوليساريو المتمردة في الصحراء المغربية. كما أن ذلك الحزب مازال يقوم بعدة عمليات تخابر وتخريب في البحرين وشرق المملكة العربية السعودية، وكذلك في الكويت عبر خلية العبدلي التي تم القبض عليها ومحاكمتها، ورفضت الحكومة اللبنانية التعاون مع الكويت بشأنها، بالإضافة إلى الجريمة الكبرى التي يقوم بها الحزب في سورية.الغريب أن دول الخليج العربي التي تواجه خطر المشروع الإيراني التمددي الذي يُعتبر لبنان القاعدة الأساسية له، تتعامل بازدواجية، بل بـ"شيزوفرينيا" مع لبنان، فيقاتل الخليجيون فصيلاً لبنانياً داعماً للمتمردين الحوثيين في اليمن، بينما تدعم الدول الخليجية الدولة اللبنانية التي يسيطر عليها ذلك الفصيل، والذي قطعاً يصل إليه كل دعم ومساندة سياسية أو اقتصادية خليجية، مثل الحفاظ على الودائع الخليجية في البنك المركزي اللبناني، والوعد الخليجي الأخير برفع منع سفر المواطنين الخليجيين إلى لبنان، رغم الأحداث التي شهدناها في الأيام الأربعة الأخيرة في بيروت.اليوم، وبعد نتائج الانتخابات اللبنانية الأخيرة أصبحت الجمهورية اللبنانية عملياً هي جمهورية حزب الله، فهل ستستمر دول مجلس التعاون الخليجي في حالة "الشيزوفرينيا" الخليجية؛ بأن تقاتل حزب الله في اليمن وتتصدى له في البحرين وتلاحق عملاءه في الكويت، بينما يجلس ممثلونا الحكوميون مع حكومة لبنان -حزب الله- ويوقعون معها الاتفاقيات الاقتصادية، ويقدمون لها الدعم المالي والسياسي؟... لننتظر ونرَ ماذا ستفعل حكوماتنا الخليجية!