العراق: انتهاكات محدودة ونجاح أمني في «الانتخابات الخاصة»
• تعطُّل بعض أجهزة الاقتراع الإلكترونية
• الصدر يرفض التصالح مع المالكي إلا بشروط
اقترع آلاف العسكريين والمغتربين العراقيين في انتخابات برلمانية هي الأولى التي تجري في العراق هذا العام وبعد هزيمة تنظيم «داعش» نهاية العام الماضي، والثانية منذ الانسحاب الأميركي عام 2011. ورصد المراقبون انتهاكات محدودة، بينما نجحت الخطة الأمنية في منع أي عمليات إرهابية ضد المقترعين.
قبل يومين من الانتخابات العامة، التي تجري غداً في العراق، جرت أمس، عمليات "التصويت الخاص" لمنتسبي الأجهزة الأمنية ضمن انتخابات مجلس النواب لعام 2018، وانتخابات الخارج.ويتنافس في الانتخابات 7376 مرشحا يمثلون 320 حزباً سياسياً وائتلافاً وقائمة انتخابية على 328 مقعداً في البرلمان، الذي يتولى انتخاب رئيسي الوزراء والجمهورية.وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، أن نحو 24.5 مليون ناخب (من أصل 37 مليون نسمة إجمالي عدد السكان) يمكنهم التصويت في البلاد، بينهم 3.5 ملايين يصوتون للمرة الأولى.
وأشارت أيضاً إلى أن نحو مليون ناخب عراقي مغترب، سيصوتون في 136 مركزاً موزعة على 21 دولة في العالم بينها مصر ولبنان والإمارات وتركيا وايران والولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وألمانيا والسويد.وقال رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات (مؤسسة رسمية تعنى بتنظيم الانتخابات)، إن اكثر من 140 ألف سجين في البلاد مشمولون بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية إلى جانب حوالي مليون منتسب إلى الأجهزة الأمنية.ومع انطلاق العملية الانتخابية، توافد العشرات من عناصر الشرطة ولواء رئاسة الجمهورية ببزاتهم العسكرية إلى "مدرسة الأمل الابتدائية" في الكرادة وسط بغداد.وإذ هدد تنظيم "داعش"، الذي خسر أخيراً سيطرته على كامل معاقله في العراق، باستهداف الناخبين ومراكز التصويت، فرضت القوات الأمنية إجراءات مشددة على مداخل المراكز، وقامت بتفتيش الوافدين مرتين قبل الدخول الأمر، الذي حال دون حدوث اختراقات امنية.من بين الناخبين، المفوض أحمد قاسم (38 عاماً) من فوج القوات الخاصة للشرطة الاتحادية، الذي قال إنه صوت لمرشح "يؤمن بحقوق الناس ومساعدة الفقراء ويرفض الفساد" الذي يشكل عامل القلق الأكبر لدى الناخبين في بلد يحتل مراكز متقدمة في لوائح الفساد العالمية.وأضاف قاسم، وهو ممتلئ البنية ذو لحية سوداء خفيفة، أن "الشعب هو من يختار نوابه ومن سيكون منهم رئيساً للوزراء. الانتخابات تمنع وصول الديكتاتورية إلى السلطة"، والتي سقطت قبل 15 عاماً إثر الغزو الأميركي للعراق.على مقربة منه، أعرب الرائد بيستون كيفي من قوات الحرس الجمهوري الكردية عن سعادته ورحب بعملية التصويت.
البيشمركة
وفي شمال البلاد، وفي إقليم كردستان العراق تحديداً، اصطف مقاتلو البيشمركة في طوابير أمام مراكز الاقتراع.وإلى الجنوب، في محافظة البصرة تحديداً، أكد مفوض المرور حسن محمد (48 عاماً) بعيد الإدلاء بصوته "نريد التغيير، نريد شيئاً جديداً، ولدينا أمل". إلى ذلك، قال قائد عمليات بغداد الفريق الركن جليل الشمري، إن عدداً من أجهزة الاقتراع الإلكترونية في بعض مراكز الاقتراع تعطلت.وللمرة الأولى تعتمد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الاقتراع وفق النظام الإلكتروني حصراً لإجراء الانتخابات.من ناحية أخرى، نجا وكيل وزير الهجرة والمهجرين جاسم عطية، المرشح ضمن "ائتلاف النصر" الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي، من محاولة اغتيال تعرض لها على الطريق الرابط بين تكريت والشرقاط عند منتصف الليلة قبل الماضية.وتأتي الانتخابات التشريعية العراقية، الأولى منذ إعلان دحر تنظيم "داعش" من البلاد، في وضع دقيق يشهد انقساماً شيعياً وتهميشاً سنياً إلى جانب فقدان الأكراد لدورهم المحوري.وتتنافس خمس لوائح شيعية على الأقل، بينها تلك التي يتزعمها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وسلفه نوري المالكي الذي لم يتقبل فكرة إزاحته عام 2014، إلى جانب هادي العامري أحد أبرز قادة فصائل الحشد الشعبي التي لعبت دوراً حاسماً في دعم القوات الأمنية خلال معاركها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.وتبرز أيضا لائحتا رجلي الدين الشيعيين، عمار الحكيم الذي يتزعم لائحة تياره "الحكمة"، ومقتدى الصدر الذي أبرم تحالفاً غير مسبوق مع الحزب الشيوعي العراقي في ائتلاف "سائرون".ولطالما كان الشيعة، الأغلبية في البلاد، متحدين في الانتخابات لضمان سلطتهم. ولكن في إطار نظام سياسي وضع بحيث لا يتمكن أي تشكيل سياسي من أن يكون في موقع المهيمن، يجب ألا يؤدي انقسام الشيعة إلى تغيير موازين القوى بين الطوائف، وفق ما يشير خبراء.واتهم النائب عن التحالف الوطني علي البديري، "جهة سياسية متنفذة" بحذف أسماء الآلاف من منتسبي القوى الأمنية لمنعهم من المشاركة في الاقتراع.وقال البديري، إن "الآلاف من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية لم تظهر أسماؤهم ضمن الاقتراع الخاص لأسباب مجهولة"، مبيناً أن "القانون يقول إن المنتسب الذي لا يظهر اسمه يمكنه العودة إلى منزله والمشاركة بالتصويت العام، لكن هذا الأمر أيضاً تم رفضه ومنع المنتسبين من العودة لمنازلهم بذريعة الإنذار وحالة الطوارئ".وأضاف البديري، أن "المعلومات التي لدينا أن هناك جهة سياسية متنفذة علمت بشكل أو بآخر أن تلك الأسماء لاتنوي التصويت لها ضمن الاقتراع السري فعملت بطريقة معينة لحجب تلك الأسماء لضمان ضياع أصواتها".جرف النصر
ودعا تحالف القوى العراقية،أمس إلى "السماح" لأهالي ناحية جرف النصر شمالي محافظة بابل بالمشاركة في الانتخابات النيابية، معتبراً "منع" أهالي الناحية من الادلاء بأصواتهم "مخالفة صريحة" للدستور والقانون.وجدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، عدة شروط لإنهاء الخلافات مع نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي. وقال الصدر "لن أفعل ما لم يوافق أهالي الموصل والأنبار الأعزاء وباقي المناطق المغتصبة من الاٍرهاب، ولن أرضى بذلك ما لم يأذن لي أهالي شهداء سبايكر والصقلاوية وغيرهم".وأضاف "لن أقدم على ذلك ما لم تعاد الحقوق العامة وأموال الشعب المنهوبة ويقدم الجميع بما فيهم الرأس إلى محاكمة عادلة تعيد حقوق المواطنين".وكان المالكي أبدى خلال لقاء تلفزيوني مساء الثلاثاء استعداده لإنهاء الخلافات مع الصدر.