في وقت اعتبر المجلس الأعلى للقضاء أن الإساءة اللفظية إلى الدول الأجنبية لا تعتبر عملا عدائياً، رفضت الحكومة والنيابة العامة المقترحين النيابيين اللذين يقضيان بتعديل أحكام قانون الجزاء لقصر الأفعال المجرمة على الأعمال المادية والعسكرية دون غيرها، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويقضي الاقتراحان المقدمان باعتبار الآراء والأقوال المرتبطة بحرية التعبير، من الأعمال غير العدائية، على أن يعاقب بالغرامة كل من عبر بوسيلة من وسائل النشر، أو أذاع اخباراً غير صحيحة عن رؤساء الدول، أو تضر بالعلاقات السياسية لدولة الكويت وتهدد مصالحها العليا.

Ad

ووفقاً لما يتضمنه المقترح الأول الذي تقدم به النواب: أحمد الفضل، وعودة الرويعي، وخالد الشطي، وخليل عبدالله، ويوسف الفضالة، فإنه في حالة العودة خلال 5 سنوات يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 أشهر، أما الثاني الذي قدمه النواب: وليد الطبطبائي، ومبارك الحجرف، وعبدالوهاب البابطين، وخالد العتيبي، وعمر الطبطبائي، والمحال بصفة الاستعجال، فيقصر الأفعال المجرمة على «العسكرية» فقط وجمع الجند، دون أن يمتد ذلك لأي عمل مرتبط، بشكل مباشر أو غير مباشر، بحرية التعبير.

وجاء ذلك في تقرير اللجنة التشريعية، التي وافقت بدورها على المقترح، بينما رفضته كل من النيابة العامة، ووزارات الداخلية، والعدل، والخارجية.

انتهى تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية إلى الموافقة على تعديل نص المادة الرابعة من قانون الجزاء، بما يقضي بعدم اعتبار الإساءة لرؤساء الدول من الأعمال العدائية. وجاء قرار اللجنة منسجماً مع ما انتهى إليه المجلس الاعلى للقضاء، في حين رفضت التعديل "الخارجية" و"العدل" والنيابة العامة.

وأبدت وزارة العدل عدم موافقتها على الاقتراحين بقانونين في اجتماع اللجنة بتاريخ 2/4/2018، حيث رأت أنه لا محل لهما، اذ إن نص المادة (4) محل البحث يتناول تجريم افعال مادية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير المكفولة بالدستور والمنظمة قانوناً، وتقدير ما إذا كانت الأفعال محل الاتهام تدخل في عداد العدائية هو شأن من شؤون قاضي الموضوع، كما قضت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 3 لسنة 2016 دستوري بأن العبارات الواردة في المادة (4) جاءت واضحة لا التباس بها ولا غموض.

• إن المادة (4 مكرراً) في الاقتراح بقانون الأول معالجة في نص المادة (4) من ذات القانون، والمادتين (209، و210) من قانون الجزاء، والمادة (70 بند أ) من قانون إنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، وجاءت بعقوبة أشد من تلك الواردة في الاقتراح بقانون.

• عدم الموافقة، على تعديل المادة 15 من الاقتراح بقانون الثاني، والإبقاء على النص الأصلي للأسباب التالية:

1- قضت المحكمة الدستورية في الطعن رقم (37) لسنة 2014، برفض دعوى عدم دستورية هذه المادة لكون عباراتها واضحة جلية لا التباس فيها ولا غموض.

2- النص القائم له مثيل في قوانين العقوبات في عدد من الدول العربية منها (لبنان- الأردن- ليبيا- البحرين- مصر).

3- ما ورد في المذكرة الإيضاحية من أن عبارة "هيبة الدولة واعتبارها" قد جاءت غامضة فضفاضة وغير واضحة لا سند له.

بالنسبة لتعديل المادة 30 من الاقتراح بقانون الثاني يتعين اخذ رأي وزارة الداخلية، وذلك لأن الاقتراح بقانون تضمن الزام السلطة التنفيذية، ممثلة بوزارة الداخلية، بوضع قائمة بالجماعات والجمعيات التي ينظم فكرها تهديداً للنظم الأساسية.

النيابة العامة

انتهت النيابة العامة فيها إلى عدم الموافقة على الاقتراح بقانون للسببين التاليين:

1- الكتابة الصحافية أو الإساءة بالقول إلى الدول الأجنبية أو قذفها أو اسناد أمور اليها للتقليل من هيبتها واحترامها تعد من الأعمال العدائية المؤثمة بنص الفقرة الأولى من المادة (4) من هذا القانون، وهو ما يتفق مع ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية.

في الدعوى رقم 3 لسنة 2016 دستوري، وقضاء محكمة التمييز في الطعن رقم (190) لسنة 2015 جزائي/3 دونما الحاجة إلى نص صريح بذلك، كما قدمت النيابة العامة نصا مقترحا، اذا ما اتجه الرأي إلى إضافة فقرة أخيرة للمادة 4 أوردناها في الجدول المقارن رفق هذا التقرير.

2- تجريم الاضرار بالعلاقات الكويتية وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة إذا تم عن طريق الحملات الإعلامية منصوص عليه في كل من قانون المطبوعات والنشر، وقانون الإعلام المرئي والمسموع، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، فضلاً عن أن العقوبة المنصوص عليها في هذه القوانين الثلاثة عن جميع هذه الجرائم هي ذات الغرامة التي تنص عليها الفقرة الأولى من المادة (4 مكرراً).

ورفضت وزارة الخارجية المقترح إذ ترى عدم الموافقة على الاقتراح بقانون الأول والإبقاء على نص المادة (4) دون تعديل للأسباب التالية:

1- حرية التعبير والرأي ليست مطلقة وتخضع لقيود مراعاة لاعتبارات متعددة في مقدمتها علاقات الدولة الخارجية، ويجب عدم التعرض لها.

2- القرار التفسيري للمحكمة الدستورية بتاريخ 11/4/2005 يشير إلى أن الشؤون الخارجية يجب إبعادها حتى عن الرقابة البرلمانية، ومن باب أولى أن يسير ذلك على الآراء والأقوال الصادرة من الأشخاص والتي تمس العلاقات الخارجية.

3- الاقتراح بقانون يؤدي إلى إفراغ نص المادة (4) من مضمونها بحيث يتم انحسار الأعمال العدائية في اضيق نطاق.

4- القضاء هو الجهة، التي تقوم بتكييف توافر النشاطات العدائية الموجهة للدول الأجنبية من عدمها.

وبالنسبة لإضافة مادة جديدة برقم (4 مكرراً) رأت الوزارة الاكتفاء بالنصوص الواردة في قانون الجزاء بشأن القذف والسب.

الخارجية

أما وزراة الخارجية فقالت إن:

• الإضافة الواردة على المادة 4 كما جاءت في الاقتراح بقانون الأول معيارها مطاط وواسع، إذ إن المادة 36 من الدستور كفلت حرية الرأي لكن اقترنت بشرط الالتزام بالآداب والنظام العام والقوانين ومنها قانون الجزاء.

• الأفعال الواردة في المادة (4 مكرراً) كما جاءت في الاقتراح بقانون الأول مجرمة بالقانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر والمادة 33 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار إليه ولاحاجة لتلك الإضافة.

• عدم الموافقة على تعديل المادة 15 كما جاءت بالاقتراح بقانون الثاني والإبقاء على النص الأصلي لأن لفظ "إضعاف" كفعل وقائي أفضل من لفظ "انهيار" ولا يوجد جدوى من الانتظار حتى الوصول للانهيار لمساءلة الشخص.

المجلس الأعلى للقضاء

وانتهى المجلس الأعلى للقضاء على الموافقة على تعديل المادة 4 على النحو، الذي جاء في الاقتراح بقانون الأول، لأنه التعديل الأعم والأشمل ويحقق الهدف المنشود من الاقتراحين بقانونين، مع تعديل مقدار عقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 4 مكرراً من الاقتراح بقانون الأول

وعدم الموافقة على تعديل المادة 15 في الاقتراح بقانون الثاني والإبقاء على النص الأصلي لعموميته وشموله، إذ إن النص المقترح حصر الأمر في انهيار الثقة المالية بالدولة فقط في هذا الخصوص.

أما فيما يتعلق بتعديل المادة 30 في الاقتراح بقانون الثاني، يرى المجلس الأعلى للقضاء استبدال كلمة "الحكومة" بكلمة "وزارة الداخلية"، لأن من الأوفق أن يكون قرار حظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات صادراً من الحكومة، لأن هذا الأمر لا يتعلق بوزارة الداخلية وحدها، إنما يتصل باختصاصات وزارات أخرى كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وغيرها من الوزارات والهيئات، مما يحسن معه أن يكون قرار الحظر من الحكومة بوصفها الممثلة لكل هذه الوزارات والجهات.

وكانت اللجنة التشريعية قد انتهت إلى الموافقة على الاقتراح بقانون، إذ قال رئيس اللجنة الحميدي السبيعي: أحال رئيس مجلس الأمة إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية الاقتراحين بالقانونين المشار إليهما الأول في 1/2/2018، والثاني في 8/3/2018 وذلك لدراستهما وتقديم تقرير بشأنهما إلى المجلس.

وقرر المجلس بجلسته المعقودة بتاريخ 21/3/2018 وذلك لدراستهما وتقديم تقرير بشأنهما إلى المجلس.

وقرر المجلس بجلسته المعقودة بتاريخ 21/3/2018 أن تعد اللجنة تقريرها بشأن الاقتراح بقانون الثاني خلال شهر من تاريخه. مشيراً إلى أن اللجنة استعرضت الاقتراحين بقانونين، وتبين لها الآتي:

الاقتراح بقانون الأول

يهدف إلى قصر الأفعال المجرمة بالمادة (4) من القانون رقم (31) لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء رقم (16) لسنة 1960 على الأعمال المادية أو العسكرية دون أن يمتد مباشرة أو غير مباشرة إلى الآراء والأقوال المرتبطة بحرية التعبير واعتبارها من الأعمال غير العدائية، على أن يعاقب بالغرامة كل من عبر بوسيلة من وسائل النشر أو إذاعة أخبار غير صحيحة عن رؤساء الدول أو تضر بالعلاقات السياسية لدولة الكويت وتهدد مصالحها العليا، وفي حالة العود خلال خمس سنوات يعاقب بالحبس بما لا يزيد على ثلاثة أشهر.

الاقتراح بقانون الثاني

يهدف إلى تعديل المادة 4 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار إليه نتيجة التطبيق الخاطئ لنص المادة، وبعد أن أصبحت سيفاً يسلط على رقاب أصحاب الرأي ووسيلة لحجز الآراء، إذ يهدف التعديل إلى قصر الأفعال المجرمة على الأفعال العسكرية وجمع الجند دون أن يمتد لأي عمل مرتبط مباشرة أو غير مباشرة بحرية التعبير.

وكذلك تعديل المادة 15 بإلغاء المصطلحات ذات الطبيعة الفضفاضة مثل هيبة الدولة واعتبارها، وذلك تطبيقاً للقواعد الجنائية المستقرة، التي تستوجب أن تكون النصوص واضحة الدلالة وبعيدة عن الغموض.

وفيما يتعلق بتعديل المادة 30 فقد جاء للابتعاد عن حالة عدم اليقين التي كان النص محل التعديل يفرضها، وخلق وضوح بالرؤى، من خلال إلزام السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الداخلية بوضع قائمة بالجماعات والجمعيات التي يشكل فكرها تهديداً للنظم الأساسية للدولة.

وقال السبيعي: "بعد الاطلاع والدراسة رأت اللجنة الأخذ بما جاء بالاقتراح بقانون الأول، وعدم الموافقة على الاقتراح بقانون الثاني، على اعتبار أن إبداء الرأي وحرية التعبير، إن كان شفاهة او كتابة في اي وسيلة كانت، تعد افعالاً غير مجرمة عملا بالمادتين (30، 36) من الدستور، الأمر الذي اقتضى اضافة فقرة اخيرة للمادة 4 من القانون رقم 31 لسنة 1970 المشار اليه، باعتبار الآراء والأقول اعمالاً غير عدائية ومن ثم لا يعاقب عليها.

كما اقتضى الأمر إضافة مادة جديدة برقم (4 مكرراً) للحكم بغرامة مالية لكل من تعمد الاساءة لرؤساء الدول الشقيقة والصديقة والحط من كرامتهم وازدرائهم، أو أضر بالعلاقات السياسية للكويت، أو كان من شأن ما ارتكبه تهديد مصالح الدولة العليا، فإن عاد المحكوم عليه الى ذات الجريمة عوقب بالحبس الذي لا يزيد على ثلاثة أشهر، وإلغاء كل حكم يتعارض مع هذا القانون".