في وقت اعتبر المجلس الأعلى للقضاء أن الإساءة اللفظية أو الكتابية إلى الدول الأجنبية لا تعد عملا عدائياً، جاء الموقف الحكومي معاكساً للتيار، عبر رفض وزارتي الخارجية والعدل إضافة إلى النيابة العامة، اقتراحين نيابيين بتعديل أحكام قانون الجزاء، وتأكيد الجهات الثلاث أن الإساءة اللفظية والكتابية للدول الأجنبية عمل عدائي.

ويقضي الاقتراحان النيابيان باعتبار الآراء والأقوال المرتبطة بحرية التعبير، من الأعمال غير العدائية، على أن يعاقب بالغرامة كل من عبر بوسيلة من وسائل النشر، أو أذاع أخباراً غير صحيحة عن رؤساء الدول، أو تضر بالعلاقات السياسية لدولة الكويت وتهدد مصالحها العليا.

Ad

وفي تقريرها الذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، وافقت اللجنة التشريعية البرلمانية على الاقتراح الأول باعتباره الأشمل وهو المقدم من النواب أحمد الفضل، وعودة الرويعي، وخالد الشطي، وخليل عبدالله، ويوسف الفضالة، فيما رفضت الثاني.

ويتضمن الاقتراح الأول أن تضاف إلى القانون "مادة 4 مكرراً" تنص على أنه "يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن 3 آلاف دينار ولا تزيد على 6 آلاف كل مَن تعمد عبر وسائل الإعلام، أو أي وسيلة تقنية، نشر أخبار غير صحيحة عن رؤساء الدول الشقيقة والصديقة بقصد الإساءة إليهم، والحط من كرامتهم وازدرائهم، أو توجيه عبارات السب والقذف إليهم، بما من شأنه الإضرار بالعلاقات السياسية للكويت معهم، وتهديد المصالح العليا للبلاد، وفي حال معاودة ارتكاب الجريمة ذاتها خلال خمس سنوات يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وغرامة عشرة آلاف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

وفي المقابل، أكدت وزارة العدل عدم موافقتها على الاقتراحين بقانونين بشأن تعديل قانون الجزاء، ورأت أنه لا محل لهما، وأن نص المادة 4 محل البحث يتناول تجريم أفعال مادية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير المكفولة بالدستور، معتبرة أن "تقدير دخول الأفعال محل الاتهام في عداد العدائية هو شأن من شؤون قاضي الموضوع".

كما انتهت النيابة العامة إلى عدم الموافقة على الاقتراحين لسببين، أولهما أن الكتابة الصحافية أو الإساءة بالقول إلى الدول الأجنبية أو قذفها للتقليل من هيبتها واحترامها تعد من الأعمال العدائية المؤثمة، والآخر أن تجريم الإضرار بعلاقات الكويت بغيرها من الدول إذا تم عن طريق الحملات الإعلامية منصوص عليه في قوانين "المطبوعات والنشر" و"الإعلام المرئي والمسموع" و"مكافحة جرائم تقنية المعلومات".

ورفضت "الخارجية" الاقتراحين مؤيدة الإبقاء على نص المادة 4 من قانون الجزاء دون تعديل، لعدة أسباب من أبرزها أن حرية التعبير والرأي ليست مطلقة وتخضع لقيود مراعاة لاعتبارات متعددة في مقدمتها علاقات الدولة الخارجية التي يجب عدم التعرض لها.

وقالت الوزارة إن القرار التفسيري للمحكمة الدستورية بتاريخ 11/4/2005 يشير إلى ضرورة إبعاد الشؤون الخارجية حتى عن الرقابة البرلمانية، ومن باب أولى فإن ذلك ينطبق على آراء الأشخاص وأقوالهم التي تمس العلاقات الخارجية.

sms

«العدل» و«النيابة» و«الخارجية» اتفقت على تجاهل رأي المجلس الأعلى للقضاء الذي اعتبر الإساءة اللفظية لرؤساء الدول حريةً للتعبير لا عملاً عدائياً... ولسان حال الجهات الثلاث يقول للمجلس: يا صاحبي هذا وقت التعسير لا التعبير، والاسترقاق لا الانعتاق، و«العدائية» لا الحرية.