ذكر تقرير الشال أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أكدت تصنيفها السيادي السابق للكويت "AA"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، والواقع أنها تعتقد أن الكويت ستحقق فائضا ماليا للسنة المالية 2017-2018 بحدود 900 مليون دينار، أو ما يعادل 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ينخفض للسنة المالية 2018-2019 إلى نحو 300 مليون، أو نحو 0.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومثله للسنة المالية 2019-2020. وتذكر "فيتش" بأن ذلك صحيح رغم خطورة استمرار الاعتماد الكبير للكويت على النفط، ورغم مخاطر الأحداث الجيوسياسية، ورغم ضعف الحوكمة وبيئة الأعمال بالكويت.التقرير جيد وصحيح، لكن لمن يرغب في التعامل مع الكويت، وتحديدا لمن يرغب في إقراضها، وهو جيد للكويت لأن تصنيفها الجيد يخفض تكلفة التمويل للدولة وللقطاع الخاص الكويتي عند لجوئهما للاقتراض في السوق العالمي، لكنه غير صحيح لو تم فهمه على أنه شهادة بسلامة الاقتصاد الكويتي، والتقرير ضمنا لا ينفي ذلك.
عيوب جسيمة
والواقع أن التقرير يؤكد أن وضع الكويت المالي جيد إلى درجة أنه يغطي على العيوب الجسيمة لوضع اقتصادها، مثل إدمانه شبه الكلي على النفط، وضعف حوكمته ورداءة بيئة أعماله، وهيمنة قطاع حكومي مكلف على مقدراته، وذلك بلغة الاقتصاد يعني أن استدامة اقتصادها مكان شك، لكن، وفقاً للتقرير، لا بأس لدائنيه والمتعاملين تجاريا معه من الاستمرار في تعاملاتهم، فعلى المدى المنظور يستطيعون تحت أي سيناريو استعادة مستحقاتهم بسبب حجم مدخراته المجمعة في سنوات الوفرة النفطية.التقرير غير صحيح لو تمت قراءته من وجهة نظر اقتصادية كويتية، فهو لا يعتمد قواعد علم المالية العامة في حسابات فائض وعجز المالية العامة، فالميزانية العامة من وجهة نظره في فائض إذا دمج ما بين إيرادات النفط وإيرادات استثمار الاحتياطي المالي بشقيه.ويقدر حجم احتياطي الأجيال القادمة بنحو 490 مليار دولار، وحجم الاحتياطي العام بنحو 90 مليارا، ومجموع الاثنين 580 مليارا. وقدر دخل الاستثمارات للسنة المالية 2017-2018 بنحو 4.6 مليارات دينار (15.7 مليار دولار) أو نحو 3.27 في المئة، وهي أدنى بكثير من المنشور رسمياً، وأضاف ذلك الدخل إلى إيرادات النفط والإيرادات الأخرى، وخصم الوفر الاعتيادي السنوي المحتمل في المصروفات، وخلص إلى تحقيق الموازنة فائضا بنحو 900 مليون دينار للسنة المالية 2017-2018.«المالية العامة»
وفي علم المالية العامة، لا يحسب إيرادات عامة استبدال أصل عيني ببيعه وتحويله إلى أصل نقدي، ويحسب فقط الدخل الناتج عن نشاط اقتصادي -الضرائب- زائدا دخل الاستثمارات، ذلك هو الدخل المستدام، وما عداه لا يستخدم سوى في حالات الضرورة كما في حالة النرويج، وإدمان استخدامه هو آفة نتيجتها حالة متقدمة من حالات المرض الهولندي في الاقتصاد الكويتي، وفي كل الأحوال هو وضع مالي غير مستدام.والخلاصة، هي جودة التقرير لجمهوره من دائني الكويت الحاليين والمحتملين، وجيد للكويت، ولقطاعيها العام والخاص حال حاجتهما إلى الاقتراض من السوق العالمي، لكنه تقرير خاطئ في شقه المالي لما يشيعه من انطباع حول سلامة الوضع المالي، وهو تقرير لا يهتم بسلامة الوضع الاقتصادي، لأنه ليس ضمن اهتمامات جمهوره.