توجه ملايين العراقيين، أمس، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة حاسمة لاختيار رابع برلمان بعد سقوط نظام صدام حسين، وتأتي بعد النجاح في تحرير مناطق واسعة من تنظيم "داعش"، وهزيمة التنظيم عسكرياً، وفي ظل أوضاع إقليمية حساسة وسط التوتر بين طهران وواشنطن.

ودعي 24 مليون ناخب الى الاقتراع الذي استخدمت فيه لأول مرة أجهزة ونظام الكتروني جديد، ونظم وسط إجراءات أمنية مشددة، بعد تهديدات لـ "داعش" وتحذيرات غربية من احتمال تنفيذ عمليات إرهابية. إلا أن العملية الانتخابية جرت دون حوادث أمنية تذكر في نجاح كبير للخطة الأمنية الموضوعة.

Ad

وقالت مصادر إن نسبة الإقبال كانت متدنية جداً، وإن استخدام الأجهزة الإلكترونية هو أحد الأسباب التي أربكت الاقتراع، مضيفة أن «هذه النسبة ستعقد مفاوضات تشكيل الحكومة، إذ ستدفع كل القوى إلى التشكيك بقوة خصومها وستجعل تشكيل ائتلاف على طريقة المحاصصة ضرورياً لتشكيل أغلبية».

معركة طاحنة

ويحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يجدد لنفسه لولاية ثانية، ويخوض المنافسة على رأس تحالف انتخابي، أطلق عليه اسم "تحالف النصر" من أجل التجديد، معتمدا على قسم كبير من حزب الدعوة الذي ينتمي إليه، وعلى حلفاء من شخصيات سنية قوية.

في المقابل، شكلت فصائل شيعية مقاتلة انضوت في الحشد الشعبي بالتحالف مع قوى سنية وعشائرية وكردية، تحالفا مقربا من إيران تحت عنوان "ائتلاف الفتح"، يترأسه هادي العامري، الأمين العام لـ "منظمة بدر"، الذي يملك علاقة متينة مع إيران، ولا يقاطع الولايات المتحدة، كما تمكن أخيرا من بناء علاقة مع السعودية من خلال وزير الداخلية الحالي قاسم الأعرجي.

ويخوض رئيس الوزراء السابق، الأمين العام لحزب الدعوة، نوري المالكي الانتخابات على رأس "ائتلاف دولة القانون"، متحالفا مع قوة سنية، ويتوقع أن يصبح بيضة القبان، في حال تعادل العبادي مع العامري؛ المرشحين الأوفر حظا للترشح لرئاسة الوزراء.

أما رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، الذي يعد تياره ثاني أكبر القوى السياسية، بعد حزب الدعوة، فقد خاص الانتخابات متحالفا مع الحزب الشيوعي، وشخصيات من التيار المدني، وأخرى ليبرالية وبعض الشخصيات التي تنتمي الى عائلات لعبت أدوارا سياسية في العهد الملكي.

أما السنّة فيخضون الانتخابات في اتئلاف موسع بقيادة أسامة النجيفي، إضافة الى تحالفات مع قوى شيعية وقوائم محلية في المحافظات، بينما ينقسم الأكراد للمرة الأولى بعد تشتتهم إثر الاستفتاء على الاستقلال الذي تلاه تدخل بغداد بالقوة العسكرية للسيطرة على المناطق المتنازع عليها.

العبادي

وبعد الإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع في حي الكرادة ببغداد، قال العبادي إن "الانتخابات مهمة وتحدد مستقبل العراق، وتجب المشاركة بها بشكل واسع".

ورداً على أصوات تتحدث عن مقاطعة، لفت العبادي إلى أن "تصويت العراقيين بالخارج بعث رسالة مفادها أن جميع العراقيين موحدون في مسألة المشاركة بالانتخابات".

المالكي

من جانبه، قال خصم العبادي، رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أمس، إن "الانتخابات من شأنها أن تنقل العراق الى مرحلة جديدة، لاسيما أنها واجب شرعي وأخلاقي"، مشيرا إلى أن "هناك محاولات للتزوير من خلال الضغط على الناخبين".

من جهته، قال رئيس البرلمان، سليم الجبوري، بعد الإدلاء بصوته أمس: "المرحلة المقبلة تحتاج إلى جهد مشترك، وهناك مسألة مهمة أن عملية الانتخابات تمهد لمرحلة أخرى ذات أهمية اسمها التفاهمات التي يجب أن تكون بين الأطراف السياسية"، معتبراً أنه "من المهم الإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة حتى ننطلق إلى المرحلة الجديدة".

علاوي

من جانبه، أكد زعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، بعد الإدلاء بصوته، أن "الناخبين العراقيين الذين جاءوا من الخارج لم يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات"، داعيا الى "تعويض بمجيء العراقيين لصناديق الاقتراع، والتخفيف من الاحتقانات التي تحصل، ليأتي برلمان عراقي ومجلس نيابي عراقي قادر على القيام بما عليه".

الحكيم

واعتبر رئيس ائتلاف الحكمة عمار الحكيم، أن أي عملية تزوير قد تحدث خلال الانتخابات التشريعية فهي "مدانة ومرفوضة".

ودعا الحكيم المفوضية الى "النظر بدقة الى المعلومات التي تشير بوجود ضغوط على الناخبين وإجبارهم على اختيار شخصيات معينة"، مضيفاً أنه "يجب أن نحتكم الى إرادة الشعب وحقه في اختيار من يمثله تحت قبة البرلمان".

المرجعية

ودعا ممثل المرجعية الدينية، عبدالمهدي الكربلائي، أمس، المواطنين الى التوجه لصناديق الاقتراع من أجل التغيير، مشددا على ضرورة عدم الوصول الى مرحلة اليأس لتصحيح مسار مؤسسات الدولة.

وقال الكربلائي إن المرجعية الدينية العليا بينت "أنه لا بديل بالنسبة إلى العملية الانتخابية".

العامري

وأكد رئيس تحالف "الفتح" الانتخابي، هادي العامري، أن العملية الانتخابية تجري بشكل شفاف، بعيداً عن إثارة الشكوك حول عمليات التزوير للانتخابات. وأكد أنه ينظر الى نجاح العملية الانتخابية ومن المبكر الحديث عن نتائج.

الطالباني والبارزاني

وأكد نائب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، قباد الطالباني، أمس، أهمية ترسيخ مكانة الأكراد في العراق، مبينا أن وجود إقليم قوي "سيلزم" العراق بالدستور.

وكان أول مسؤول عراقي يدلي بصوته في الانتخابات هو رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجرفان البارزاني، في أحد مراكز الاقتراع بمحافظة أربيل.

وقال للصحافيين، إنه "من حق الأكراد كشريك في العراق أن يكون لهم أحد المناصب السيادية".

المفوضية

وأعلنت مفوضية الانتخابات، أمس، حصول بعض الخروقات خلال العملية الانتخابية.

وتظاهر العشرات من المواطنين أمام مكتب مفوضية الانتخابات في النجف، أمس، احتجاجا على عدم تفعيل بطاقاتهم الانتخابية.

وكان مجلس أمن مجلس محافظة ديالى أعلن مقتل اثنين من "الانغماسيين" كانا يحاولان استهداف مركز انتخابي في بعقوبة شمالي مركز المحافظة شرق بغداد.

ورغم أنه من المتوقع أن يتحالفا بعد الانتخابات، فقد شهدت مدينة النجف اشتباكات بين تحالف "سائرون"، الذي يضم الصدر والشيوعيين، وتحالف النصر.