في إشارة لا تخطئها عين إلى تعقُّد مسار التفاوض حول سد النهضة الإثيوبي بين مصر والسودان وإثيوبيا بسبب التباين الواضح في المصالح، أعلنت الخرطوم إلغاء اجتماع اللجنة الفنية لمفاوضات السد على مستوى وزراء الري، الذي كان يفترض أن يعقد أمس، بسبب اعتذار الجانب المصري عن عدم المشاركة، ليظل مصير الاجتماعات الموسعة غدا الثلاثاء معلقا.المتحدث باسم وزارة الري السودانية، محمد عبدالرحيم جاويش، قال لوكالة «الأناضول» للأنباء، أمس الأول، إن «إثيوبيا أبلغت الجانب السوداني باعتذار مصر عن عدم المشاركة في الاجتماع الذي دعت إليه أديس أبابا»، وكان من المقرر أن يناقش الاجتماع الجوانب الفنية والتحضير لاجتماع اللجنة التساعية بين وزراء خارجية وري ورؤساء المخابرات في الدول الثلاث غداً.
وأشار جاويش إلى أن إلغاء اجتماع اللجنة الفنية لا يعني إلغاء اجتماعات اللجنة التساعية في العاصمة الإثيوبية غداً، فيما لم تصدر القاهرة أي بيان أو تصريح من وزارتي الري والخارجية حتى ظهر أمس، للحديث عن سبب الاعتذار المصري عن عدم المشاركة، أو مصير مشاركة القاهرة في اجتماع الثلاثاء، في ظل خلافات معلنة مع أديس أبابا والخرطوم.واعترف وزير الخارجية المصري سامح شكري، في تصريحات صحافية الاثنين الماضي، بأن جولة المفاوضات الفنية التي أجريت في أديس أبابا 5 الجاري، لم تنجح في تجاوز التعثر في المفاوضات، وأرجع التعثر المستمر منذ أكثر من عام إلى استمرار إثيوبيا والسودان في التحفظ عن التقرير الاستهلالي الذي أعده المكتب الفرنسي الاستشاري، والذي اختارته الدول الثلاث لتحليل آثار بناء السد على دولتي المصب.في المقابل، أبدى السودان، عبر بيان وزارة الموارد المائية والري والكهرباء الصادر الأربعاء الماضي، أسفه لتصريحات وزير الخارجية المصري، وقالت الوزارة السودانية إن تصريحات شكري تتناقض والروح الإيجابية بين البلدين، بزعم أن للسودان دورا فيما سماه بتعثر محادثات النهضة، مشددة على أن «التشكيك وهدم جسور الثقة لن يجلبا لشعوب الدول الثلاث سوى التباعد والخصام».وتخشى مصر من ضياع حصتها التاريخية في مياه النيل المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب، والمنصوص عليها في اتفاقية عام 1959، والموقعة مع السودان، إلا أن إثيوبيا لا تعترف بها، وتبدو عازمة على ملء بحيرة السد التي تبلغ سعتها التخزينية 74 مليار متر مكعب في سنوات قلائل، وهو الأمر محل الخلاف مع مصر التي تريد أن تمدد سنوات الملء لعقد كامل حتى لا تتأثر مواردها من مياه النيل التي تأتي 85 في المئة منها من هضبة الحبشة، وهو الموقف الذي أيدها فيه التقرير الاستهلالي للمكتب الفرنسي، لذا رفضته إثيوبيا.
أمن قومي
في الأثناء، قال وزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، في تصريحات له أمس، إن محور المياه يعد من أهم ركائز الأمن القومي لارتباطه بخطط التنمية المستدامة الشاملة، مشيراً إلى أن تحديات قطاع المياه في مصر يأتي من كونها دولة جافة تعاني ندرة المياه أو بسبب موقعها الجغرافي كمصبات أنهار، ما يعني أن الموارد المائية تأتي من خارج حدودها.اجتماع موسكو
إلى ذلك، بدا أن مصر وروسيا قد تجاوزتا أزمة استفتاء «روسيا اليوم» على تبعية مثلث حلايب لمصر أو السودان، بعد إلغاء موقع القناة للاستفتاء احتراما للجانب المصري، إذ تنطلق المشاورات المصرية - الروسية في العاصمة الروسية موسكو اليوم الاثنين، في إطار صيغة (2+2) بين وزيري دفاع وخارجية البلدين، والتي تعقد للمرة الرابعة منذ 2013.وصرح المتحدث باسم «الخارجية» المصرية، أحمد أبو زيد، بأن مباحثات وزير الخارجية سامح شكري، ونظيره الروسي سيرجي لافروف، من المقرر أن تتناول سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، استنادا إلى الطفرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين في أعقاب زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى القاهرة في ديسمبر الماضي، وما صاحبها من توقيع عقود إنشاء محطة الضبعة النووية في مصر بخبرة روسية، وما تلا ذلك من استئناف حركة الطيران المباشر بين البلدين في أبريل الماضي.ومن المتوقع أن يشهد الاجتماع الرباعي استعراض القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، والأزمات في كل من سورية وليبيا واليمن، فضلا عن مستجدات الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، والمواقف المصرية الروسية منه، فضلا عن كيفية تطوير أطر التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب.هدوء حذر
محليا، ساد هدوء حذر محطات مترو الأنفاق بالعاصمة المصرية في الساعات الأولى من صباح أمس، إذ انتشرت قوات الأمن بكثافة في المحطات، وذلك بعد اعتراضات من قبل المواطنين على تطبيق التعريفة الجديدة للمترو التي شملت زيادة اعتبرها البعض مبالغا فيها، ووقعت مشادات بين الركاب وموظفي شركة المترو أمس الأول السبت، كما ألقت قوات الشرطة القبض على عدد من المواطنين الذين تجمهروا للاعتراض على القرار.