المفترض أن يكون الرد على نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس هو بإنهاء هذا الانقسام الفلسطيني، المعيب حقاً، والتحاق حركة "حماس" بمنظمة التحرير، وحضور المجلس الوطني الأخير، ووضع حدٍّ لدولة غزة مقابل دولة الضفة الغربية، وخلافُ هذا هو خدمة لإسرائيل، التي بقيت تسعى منذ إنشائها قبل سبعين عاماً إلى "حصر" حق تقرير المصير بالنسبة للفلسطينيين كلهم في "القطاع" الذي، حسب وجهة النظر الإسرائيلية، بالإمكان "توسيعه" ليشمل جزءاً من سيناء المجاورة.كان ديفيد بنغوريون قد قال، في أول خطاب له بعد إقامة دولة إسرائيل وانتخابه رئيس وزراء لها، إن حدود الدولة الإسرائيلية التي توفر الأمن لها هي من البحر الأبيض المتوسط في الغرب إلى نهر الأردن في الشرق، ومن قناة السويس في الجنوب إلى هضبة الجولان وجبل الشيخ في الشمال، ولذلك فإنه لاشك أن "حماس" تخدم هذا الادعاء، عن قصدٍ أو غير قصد، عندما لجأت، بعد انقلابها العسكري الدموي في عام 2007 على السلطة وعلى منظمة التحرير، إلى إقامة هذه الدولة المشوهة التي أقامتها في قطاع غزة.
جميل، لا بل ضروري، أن تكون هناك "مسيرة العودة" التي تم الإعلان عنها، وأن يكون هناك "زحف أكبر" في اتجاه فلسطين في ذكرى "نكبة" عام 1948، لكن كل هذا سيبقى مجرد قفزات في الهواء، مادامت الوحدة الوطنية الفلسطينية "متشظية" على هذا النحو، ومادامت "حماس" تواصل إصرارها على عدم التحاقها بمنظمة التحرير وتواصل سعيها لإقامة حكومة (دولة) عموم فلسطين في قطاع غزة، الأمر الذي يريده الإسرائيليون وبقوا يسعون إليه، ويبدو أن تحقيقه بات تحصيل حاصل، إنْ لم يطرأ ما يقطع الطريق على هذه الخطوة الانتحارية المرفوضة والمدانة والمشبوهة.لقد قررت القيادة الفلسطينية "الجديدة"، التي تم الاتفاق عليها خلال المجلس الوطني الأخير، عقد اجتماع "مهم"، اليوم الاثنين، في رام الله، للرد على خطوة نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة، لكن الرد الفعلي والحقيقي هو أن يستيقظ ضمير "حماس" الوطني، وأن تعلن الانضمام، حتى "الكيفي"، لمنظمة التحرير، وأن تكون هديتها للشعب الفلسطيني في هذا اليوم التاريخي هي أن الدولة الفلسطينية المنشودة في غزة والضفة معاً، وأنه "لا" لهذا التشرذم والانقسام الذي تريده إسرائيل، وتسعى إليه منذ إقامتها قبل سبعين عاماً وإلى الآن.والحقيقة أنّ هذا الزحف المقدس الموعود، على أهميته وضرورته، يجب أن يكون في اتجاه مراكز "حماس" القيادية في قطاع غزة، وأيضاً في اتجاه "المقاطعة" في رام الله، وأن يكون المطلب هنا وهناك هو وضع حدٍّ لهذا الانقسام المخزي غير المبرر إطلاقاً، فالشعب الفلسطيني لم يعد يطيق استمرار هذا الشرخ بين غزة والضفة الغربية، ومع أنه سيرد على خطوة نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس بـ "مسيرات الزحف الأكبر" هذه، إلاّ أنه سيبقى يصر على أن الأهم هو إنهاء هذا الانقسام غير المبرر إطلاقاً، وبالتالي فإن الرد الحقيقي غير "التنفيسي" هو بالوحدة الوطنية التي يجب أن تتم بعيداً عن كل هذه الحسابات التنظيمية الضيقة.
أخر كلام
الأهم من المسيرات هو إنهاء الانقسام!
14-05-2018