إجابة وزارة الإعلام عن سؤال للنائب الشطي عن عدد الكتب الممنوعة في الكويت خلال السنوات الخمس الماضية بأنه 4390 كتاباً، وأن اللجنة المكلفة نظر تظلمات أصحاب الكتب، والتابعة للوزارة، قبلت فقط تظلمين من كل التظلمات التي قدمت إليها، أمر يدعو إلى إعادة النظر في آلية عمل اللجان التي تكلف أمر الرقابة على الكتب، بعدما أصبح المعدل السنوي لمنع الكتاب في الكويت 878 كتاباً، وهو رقم كبير! فكرة وجود رقيب على الكتب يجب أن تمارس في أضيق الحدود لا أوسعها، وذلك لأن الأصل هو حرية الرأي والفكر والتعبير، والاستثناء هو التنظيم لتلك الحريات، بألا تتجاوز المخالفات الواضحة للذات الإلهية والأنبياء والرسل، وذات الأمير، والقضاء، وتخدش الآداب العامة، أو تثير الفتن الطائفية، في حين يكشف الواقع العملي أن فكرة المنع هي الأصل، والإقرار والموافقة على الكتاب هما الاستثناء.
وبينما تكفل وزارة الإعلام فكرة التظلم من قرارات المنع التي تصدرها على الكتب تتولى ذات الوزارة وذات الأشخاص النظر والفصل في التظلمات التي تقدم إليهم، وهو ما يعني تأييد قرارات المنع ذاتها، وذلك انعكس على الأرقام التي أعلنتها إجابة وزارة الإعلام، بأنها في خمس سنوات قبلت تظلمين فقطـ، ورغم مخالفة المنهج القانوني الذي تتبعه الوزارة في تشكيل اللجان التي تنظر التظلمات، أصبحت للأسف هي الخصم للكتاب، الذي أصدر المنع، والحكم الذي ينظر التظلمات!ومثل هذا النهج المتراجع والمخالف لبدهيات العمل القانوني يفرض على الوزارة أن تسلك نهج أغلب الجهات المسؤولة في الدولة بأن تنتدب قاضياً وقانونيين وممثلاً عن إحدى الروابط المعنية بالدفاع عن الكتاب، وممثلاً عن الوزارة في عضوية اللجنة المكلفة فحص التظلمات التي تقام على قرارات المنع التي تصدرها الوزارة، ومثل هذه اللجان المكلفة فحص التظلمات متوافرة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، ولجنة نزع الملكية، وهيئة أسواق المال وبورصة الكويت بما يضمن سلامة التظلمات التي تقام على القرارات التي تصدرها الوزارة بالمنع، فضلاً عن أنها تقلل فكرة اللجوء إلى القضاء الإداري، لو انتهت تلك اللجان المحايدة إلى إلغاء قرارات منع الكتب، لاسيما أن من يترأسها قاضٍ لا تقل درجته عن وكيل محكمة كلية، أي رئيس لدائرة قضائية، وتتضمن في عضويتها قانونيين، وهم الأوقع على فحص وبحث العبارات محل المنع من جانب الوزارة، والنظر في حجج الكُتاب المتظلمين من القرارات.فكرة تنظيم الكتاب وحقوق المؤلف لا تقتصر على نصوص يوردها القانون بكفالته الحقوق في قانون حقوق المؤلف أو قانون المطبوعات والنشر، بل يجب أن ينص على الضمانات التي يكفلها للكتّاب إذا ما تعسفت جهة الإدارة معهم، وحرمتهم ممارسة حقوقهم، بذريعة أنها من يشرف على منظومة الرقابة على الكتاب، لكن تلك المنظومة التي استمرت أكثر من 50 عاماً يتعين تقييمها إذا ما أردنا تطويراً للثقافة والفكر والأدب والبحث العلمي ككل!
مقالات
مرافعة : لجان قضائية للفصل في تظلمات منع الكتاب!
15-05-2018