انتهى الدرس... يا عرب!
نقلت عدة صحف محلية وعربية عن مصدر عسكري إسرائيلي، عقب عملية إطلاق الحرس الثوري الإيراني عدة مقذوفات على الخطوط الأمامية لجيش الاحتلال الصهيوني في مرتفعات الجولان السورية، أن طهران قد استوعبت الدرس الإسرائيلي، بعد تدمير بنيتها التحتية في سورية، ولن تسعى للتصعيد مرة أخرى.والحقيقة أن الجميع في المنطقة مستوعبون للدرس، ما عدا العرب، فإيران تلعب اللعبة بحرفية منذ سنوات، وتستخدم تضحيات العرب من "حزب الله" في لبنان حتى العلويين العرب في سورية، مروراً بميليشيات العراق، و"الحمساويين" الفلسطينيين، رغم التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة، لتحقيق المشروع الإيراني الذي يرتكز على "بروباغندا" القضية الفلسطينية، التي لم تقدم إيران لها على الأرض شهيداً واحداً.
العرب لم ولن يستوعبوا الدرس، فعربنا المنخرطون في المشروع الإيراني لا يستوعبون، ولا يريدون أن يفهموا وضع عرب الأهواز الشيعة، الذين تُمسح هويتهم ويعانون أسوأ الأوضاع المعيشية بين الشعوب الإيرانية، ومع ذلك فإن العربي اللبناني والعراقي والسوري واليمني والخليجي المتعاطف أو المنخرط في المشروع الإيراني يعتقد أن وضعه سيكون أحسن من الأهوازي إذا انتصر مشروع ولاية الفقيه وتمكن!وعربنا الأصوليون السلف لم يستوعبوا أيضاً دروس ما جنوه على الأمة العربية، بتنظيماتهم الإسلامية التي دمرتنا محلياً وعالمياً، ولم يستوعبوا أن مصير أي دولة دينية في عصرنا الحالي سيكون مآله إلى نماذج "طالبان" أفغانستان، أو "داعش" الشام، أو الميليشيات الطائفية العراقية، التي تسبب استيلاؤها على السلطة في تفتيت الدولة، ومكّن الفساد والحروب الأهلية منها.وعندما كان ياسر عرفات في أشرس مراحل التفاوض مع اليهود المدعومين عالمياً، دخلت إيران على الخط لتخريب التسوية، لأنها كانت ستدمر مشروعها القائم على أكذوبة "المقاومة والممانعة"، فدعمت حماس والحركات الجهادية، لتقوم بعمليات الأحزمة الناسفة العبثية؛ لتعطي الحجة لإسرائيل للخروج من التزامات مدريد وأوسلو، وتبني جدارها العازل، وتنهار اتفاقيات السلام، لتعود القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول الضعيف والمحاصر. وفي بداية أزمتها النووية، أوعزت طهران لذراعها "حزب الله" بعملية يوليو (تموز) 2006 التي دفع عرب لبنان ثمنها الباهظ.الواقع أن الجميع في المنطقة، فُرساً وأتراكاً ويهوداً، استوعبوا كل الدروس، واستخلصوا العبر منها، وبنوا استراتيجياتهم وفقاً لها، ما عدا العرب الذين كانوا ومازالوا يتخبطون في رؤاهم، ويتقاتلون فيما بينهم، سياسياً وعسكرياً، في أبشع مجازر التاريخ المعاصر في حلب والغوطة وغيرهما، ويستدعون الأجنبي لأرضهم ليبتزهم، وبعد ذلك يدمرهم، من دون فائدة أو مكسب لهم، سوى الحفاظ على "الكرسي"، ورغم كل ذلك لا يبدو أن العرب سيستوعبون الدرس قريباً!