لو تواضعوا قليلاً
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
لا يمكن فهم مظاهرات العودة لأهل غزة (معظم الغزاويين هم من تم تهجيرهم من فلسطين في نكبة 48) على أنها نتيجة تحريض من قادة حماس، أو أن الثوار يريدون نفي إسرائيل، هم بعبارة عاطف أبوسيف، الذي كتب في "الغارديان" عدد 14 مايو، "يريدون المستقبل لا أكثر"، ويندب الكاتب مصادفة واقعه اليوم في بؤس غزة وفقرها، بينما كان "من المفترض" أن يكون قد ولد في واحدة من الفيلات الفاخرة التي كان يمتلكها جده في حيفا، لكن واقعه المزري في غزة اليوم ينفي "حلمه" الذي كان من الممكن أن يكون حقيقة لولا مسيرة الغدر التاريخي لوطنه.الغزاويون الفلسطينيون في مسيرة العودة يعاقبون لأنهم اختاروا "حماس" في انتخاباتهم، فإذا لم تكن نتائج الانتخابات بما يرضي إسرائيل والولايات المتحدة ويوافق مصالحهما، تصبح عندها غير مشروعة وعقاب أهلها ضرورة، هذا ليس جديداً على السياسة الأميركية، فالسوابق التاريخية في إيران مصدق وأميركا اللاتينية وجزائر جبهة الإنقاذ تشهد على ذلك التاريخ الانتهازي، ما يثير الحنق اليوم هو مواقف عدد من "مثقفي" الكرب في دولنا، وهم يروجون لسياسة "التطبيع" - مع أن الأمور مطبعة وغارقة في التطبيع – مع إسرائيل، فهم بحجة الواقعية السياسية يروجون لمثل الخطاب الأميركي – الإسرائيلي بأن كل مسألة الضحايا (أصبحت مسألة) هي نتيجة "حماس" وسياساتها المتصلبة، عندها تستحق إسرائيل حكم البراءة من دماء الضحايا اليوم! ليس من المطلوب من هؤلاء المتحدثين باسم الواقعية والعقلانية السياسية أن يرددوا مثلاً خطاب تشومسكي أو الراحل إدوارد سعيد بأن يكونوا "مثقفين" عضويين بموقف ناقد للسلطة دائماً، كل المطلوب منهم الآن قليل من الخجل والتواضع الثقافي، حين يقرأون مثل مأساة الراحلة وصال الشيخ، لعلهم يستشعرون بخيالهم الكسيح النزر اليسير من ألم شعبها.