في حين لا تزال أوروبا تكافح للتمسك بالاتفاق النووي الإيراني وتسعى للحيلولة دون انهياره بالكامل بعد انسحاب واشنطن منه أخيراً، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، مساء أمس الأول، أن واشنطن ستعمل على تأسيس تحالف دولي واسع ضد طهران.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، في مؤتمر إن "وزير الخارجية مايك بومبيو، سيعلن استراتيجية واشنطن بشأن إيران الاثنين المقبل"، موضحة أنه "تمت استضافة سفراء بعض الدول في واشنطن لبحث الملف الإيراني".

Ad

وتزامن الإعلان عن السعي الى تأسيس تحالف ضد النظام الإيراني مع فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة تستهدف محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، وثلاثة أفراد آخرين، وبنكا مقره في العراق، بموجب برامج تستهدف داعمي الإرهاب العالمي.

تحدي روحاني

ووسط تزايد مؤشرات انزلاق المسألة الإيرانية الى حرب، تمسك الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي يواجه معارضة داخلية شرسة وانقساماً حول كيفية التعامل مع الانحساب الأميركي، بأن بلاده لن تستسلم للضغوط الأميركية حتى لو وصلت الى مستوى التهديد بحرب.

وقال روحاني: "يعتقدون أنهم يستطيعون أن يحملوا الأمة الإيرانية على الاستسلام بالضغط على إيران بالعقوبات بل وبالتهديد بالحرب. الأمة الإيرانية ستقاوم المخططات الأميركية".

ورغم انه كان يهدد بالانسحاب من الاتفاق، زعم روحاني أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقع أن تنسحب إيران من الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة وأن "الجمهورية الإسلامية رفضت أن تنساق وراء هذا المخطط بسعيها لإنقاذ الاتفاق مع الأطراف التي لا تزال ملتزمة به".

في السياق، نددت وزارة الخارجية الايرانية بإدراج واشنطن محافظ البنك المركزي الايراني في لائحة عقوباتها.

الصين

على صعيد ذي صلة، قالت ثلاثة مصادر مطلعة، إن مسؤولا إيرانيا كبيرا في شركة النفط المملوكة للدولة اجتمع مع مشترين صينيين كي يطلب منهم المحافظة على مستوى الواردات بعد سريان العقوبات الأميركية، لكنه لم يحصل على ضمانات من أكبر مستهلك للنفط الإيراني في العالم.

ظريف وولايتي

في هذه الأثناء، أكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أمس، أن لقاءاته مع قادة الاتحاد الأوروبي الساعية لانقاذ الاتفاق النووي بعثت برسالة سياسية قوية ينبغي تحويلها إلى أفعال.

وقال ظريف على متن رحلته العائدة إلى طهران: "إذا كان الاتفاق النووي سيبقى فقد كانت، الاجتماعات مع القادة الأوروبيين، بداية جيدة، وبعثت برسالة سياسة مهمة، لكن هذه ليست نهاية العمل".

وأضاف: "اعتبارا من الأسبوع المقبل، ستبدأ الاجتماعات المكثفة للخبراء في أوروبا. عليهم القيام بالعمل لكنهم سيتشاورون معنا لنتمكن من التأكد أن الأفعال التي يقومون بها كافية من وجهة نظرنا".

وأدلى ظريف بالتصريحات أثناء عودته من جولة دبلوماسية أجرى محادثات خلالها مع باقي الدول الموقعة على الاتفاق الذي أبرم في 2015 وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا.

وفي وقت سابق أفاد ظريف بأن وزراء خارجية دول أوروبية في بروكسل أكدوا له أنهم سيضمنون أن "تتمتع إيران بمزايا الاتفاق النووي، ووافقوا على أن تطبيقه غير مرتبط بالقضايا الأخرى"، في إشارة إلى طلب إيران عدم الربط بين المحادثات لإنقاذ الاتفاق والضغوطات بشأن برنامجها الصاروخي وتدخلاتها الاقليمية.

ورغم ان الاقتصاد الايراني يواجه خطر الانهيار دون ان تتمكن حكومة روحاني من انقاذه، اسدى ظريف بنصائحه للأوروبيين: "لا نتخيل أن أوروبا ستقطع علاقاتها بأميركا، لكننا نريد من الأوروبيين أن يدافعوا عن مصالحهم".

وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس الأول، أن الخبراء بدأوا بالعمل بالفعل على إجراءات لتفادي العقوبات الأميركية، حيث ركزوا على تسعة مجالات رئيسية تتضمن قدرة ايران على الاستمرار في بيع منتجات النفط والغاز، وكيفية حماية الشركات الأوروبية التي تجري تعاملات في البلاد.

لكن علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني خالف تفاؤل ظريف، وقال إنه يشك أن المحادثات مع الأوروبيين لإنقاذ الاتفاق ستثمر عن شيء مفيد.

والتقى قادة الاتحاد الاوروبي في صوفيا في اجتماع هو الأول من نوعه منذ 15 عاما، لصياغة رد مشترك على الولايات المتحدة بعد قرارات ترامب الصادمة حول الملف النووي الايراني والتجارة الدولية.

وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير، أن الحكومات الأوروبية لا تملك العديد من الخيارات لتجاوز العقوبات الأميركية ضد إيران، ولن تستطيع فعل الكثير لإنقاذ الاتفاق النووي.

وكان مستشار الأمن القومي الاميركي جون بولتون هدد الشركات الاوروبية بعقوبات، ورأى أن "أوروبا تخطط للبقاء في هذا الاتفاق، لكنني أعتقد أنها ستنهار من الداخل وسنرى ذلك، ومن الأفضل للحلفاء الأوروبيين أن يتفقوا مع نهج واشنطن الجديد". وبذلك يجد الاوروبيون انفسهم بين مطرقة تهديد واشنطن بالعقوبات، ومطالبة طهران بضمانات في وقت خياراتهم السياسية والاقتصادية قليلة.