وسط الضغوط المتعددة التي تمارسها الولايات المتحدة على إيران، وفي ظل الانقسام الداخلي السياسي المتصاعد بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، تجددت أمس التظاهرات الاحتجاجية الاجتماعية في جنوب إيران، حيث سقط قتيلان وجرح أكثر من 25 شخصاً خلال اشتباكات بين قوى الأمن مع متظاهرين في مدينة كازرون التابعة لمحافظة فارس.وتوجه المتظاهرون، الذين يعترضون منذ أكثر من شهرين على مشروع لتقسيم المدينة إدارياً يرعاه محافظ ونائب عن المدينة، مقربان من الرئيس حسن روحاني، ليل الأربعاء ـ الخميس إلى مقر المحافظة ومخفر للشرطة قريب منه، وحاولوا اقتحامهما والسيطرة على الأسلحة الموجودة فيهما.
في سياق آخر، وغداة إعلان شركة الطاقة الفرنسية العملاقة "توتال" أنها ستخرج من إيران، بسبب العقوبات الأميركية، التي أعيد فرضها على طهران بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي، قالت "إيه. بي. مولر. ميرسك"، الدنماركية، أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، إنها ستغلق نشاطها في إيران امتثالاً للعقوبات، لتنضم بذلك إلى شركات أوروبية أخرى لوحت بالقفز من المركب الإيراني.في غضون ذلك، وبعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، وجد الأوروبيون أنفسهم في مأزق، إذ يقرون بأن ذلك الاتفاق ليس مثالياً ويحتاج إلى آخَر مكمل يبحث المآخذ الأميركية على إيران، خصوصاً برنامجها البالستي الخطير، الذي يهدد الأوروبيين أنفسهم، فضلاً عن أنشطة طهران في المنطقة التي تعتبرها الدول المجاورة تدخلاً في شؤونها، لكن إيران ترفض أي تفاوض قبل تطبيق الاتفاق كاملاً.من جهة أخرى، يريد الأوروبيون حماية شركاتهم التي اندفعت إلى الاستثمار في إيران بعد توقيع الاتفاق، والدفاع عن سيادتهم الاقتصادية، في خضم ملامح حرب تجارية مع واشنطن، لكنهم لا يملكون الأدوات الكافية والفعالة لتجاهل العقوبات الأميركية وحماية شركاتهم، التي بدأت فعلاً تهرب من إيران.
ويشير مراقبون إلى أنه لا جدوى اقتصادية من التخلي عن 633 مليار يورو من الاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة مقابل حوالي 20 ملياراً في إيران.وفي الوقت نفسه، تمارس طهران ضغوطاً على أوروبا لمنحها ضمانات وتعويض الخسائر التي نتجت عن انسحاب واشنطن.