رمضان
رمضان شهر الصيام، شهر القيام، شهر العبادة الخالصة لوجه الرحمن الكريم، فرصة جديدة لكل عبد أراد الأجر الكثير من الله تعالى. أهلاً بك يا خير الشهور وأجملها، ففي كل عام ننتظر هذه الثلاثين يوماً شوقاً وحباً لها وللياليها الكريمة الزاخرة بالأجر والثواب، ولأجوائها الروحانية المليئة بالإيمان والخشوع لله خالق العباد. فرمضان خير فرصة لمن أراد التوبة، لمن أراد إصلاح حياته وعيشته الضنك، لمحو الذنوب وتقليل الآثام والاستغفار منها، رمضان فرصة للتقرب من الله وأداء جميع فروضه وعبادته وتراويحه وتهجده وقرآنه وأذكاره، أجره عظيم من عند الله، وكل عبادة واضح أجرها وثوابها عندنا إلا الصيام، فقد تكفل الله بأن يعطي عليه الجزاء بنفسه، وقد ورد في الحديث القدسي أن "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".
أتمنى ألا يهدر مسلم أجر هذا الشهر الفضيل، شهر المغفرة والأجر الوفير، فالكثير من البشر يلهون بإقامة الولائم والحفلات الرمضانية والتجمعات والتبذير في الطعام والملبس والبذخ في كل أمور الحياة الفانية، متناسين أن هذا شهر العبادة، والتجرد من ملذات الدنيا وزيفها، ولن يبقى للإنسان في الآخرة إلا ما يرفعه إلى جنات الرحمن أو ينزله إلى النيران. ومن أدرك رمضان كمن حصل على فرصة لدخول الجنة، فالأجر مضاعف والدعاء مستجاب ومقبول من الله بإذنه سبحانه، ومن أدرك ليلة القدر أصبح من الفائزين، ومن دعا من قلب خاشع مؤمن فسيستجيب الله له بفضله، فضل هذا الشهر كبير للمسلمين، فأكثروا الدعاء، والصلاة والتصدق على المحتاجين ومساعدة الضعفاء والإحساس بهم وبأحوالهم.ومع أن الإنسان لا يستطيع التجرد من الدنيا وزينتها ومتاعها، لكن رمضان بالنسبة للكثير هو شهر الزهد، شهر الله، شهر العبادة، شهر نزل فيه أعظم كتاب للبشر على خير البشر، سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. غير أن هناك الكثير من العادات السيئة في رمضان، يجب على المسلم أن يتجنبها، ولو في هذا الشهر، بكبح جماحه عنها... كالنميمة والغيبة والسخرية والتذمر والشتم، فالامتناع عنها للأبد فضيلة، لكن على من لا يستطيع ذلك، أن يحاول في هذا الشهر على الأقل الابتعاد عنها لنيل الأجر الكامل، كما علينا كذلك الابتعاد قدر الإمكان عن الأسواق والمقاهي وأماكن تزاحم الناس واللهو عن الفرائض والعبادات، فهذه الأماكن طوال السنة يسرح ويمرح فيها الناس، فيا حبذا لو ابتعدنا عنها في شهر الرحمة والمغفرة والأجر العظيم. الحياة جميلة، والاستماع بها أجمل، لكن لرمضان حرمته، فهو شهر الفرصة الممنوحة للتوبة، ورضا الله علينا، ولذا علينا ألا نفوت هذه الفرصة، فاللهم بلغنا رمضان أعواما عديدة، واجعلنا من الصائمين العابدين الخاشعين المؤمنين لله تعالى، وأدخلنا الجنة برحمتك ورضاك.