في زيارة هي الأولى من نوعها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي، بدأ المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل أرياس كانيتي، أمس، زيارة إلى طهران ليطلع القادة الإيرانيين على الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لطمأنتهم، وضمان استمرار مشتريات النفط وحماية الشركات الأوروبية المتمركزة في البلد من العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها.وأكد كانيتي في مؤتمر بعد لقاء مع مساعد الرئيس الإيراني رئيس منظمة الطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، أن الاتحاد الأوروبي سيقف بوجه الولايات المتحدة، ويسعى إلى الحفاظ على التعاون الاقتصادي مع إيران.
وقال إن حماية الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الكبرى، على الرغم من الانسحاب الأميركي أمر «أساسي للسلام في المنطقة والعالم».وأضاف المسؤول الذي يسعى إلى الحصول على تأكيد لرغبة القادة الإيرانيين في عدم الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في 2015: «من المؤكد أن هناك صعوبات مع العقوبات، علينا أن نطلب استثناءات، إعفاءات للشركات التي توظف استثمارات» في إيران.وأعرب عن أسف الاتحاد الأوروبي لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.وتأتي الزيارة غداة إطلاق المفوضية الأوروبية ومقرها بروكسل الإجراءات الرسمية التي تهدف إلى تفعيل «قانون التعطيل» من أجل الحد من تأثير العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران.وكان التشريع الأوروبي أقر في 1996 للالتفاف على العقوبات الأميركية على كوبا، لكنه لم يستخدم من قبل. وتأمل المفوضية في أن يبدأ تطبيق الإجراءات مطلع أغسطس، مع دخول العقوبات الأولى التي أقرتها الولايات المتحدة أخيراً حيز التنفيذ.
ترحيب وتهديد
من جهته، قال صالحي: «نرى أن الاتحاد الأوروبي يبذل جهدا كبيرا. وعدوا بذلك، وإن شاء الله سيطبقون ذلك عملياً».وأضاف أن «الاتحاد طرح مقترحات واتخذ خطوات أولية، لكننا لا يمكننا التحدث بقوة ما لم يتم تحقيق هذه الوعود وترجمتها على أرض الواقع».ووصف صالحي الانسحاب الأميركية بـ «خطوة حمقاء»، معربا عن أمله بأن ينفذ الاتحاد الأوروبي وعوده قريبا.ورأى أن خروج واشنطن سيسبب عراقيل ومشاكل اقتصادية، لكنها لن تكون عقبة جادة أمام استمرار الاتفاق النووي.غير أن صالحي الذي رحب بجهود بروكسل هدد بأن بلاده يمكن أن تستأنف تخصيب اليورانيوم لمستوى 20 في المئة إذا لم يتمكن الأوروبيون الموقعون على الاتفاق النووي إنقاذه.وأضاف: «إذا ظل الطرف الآخر ملتزماً بوعوده، فسنلزم أنفسنا بوعودنا. سياستنا الآن هي الانتظار. لأسابيع قليلة. كل الاحتمالات واردة، فيمكننا».ويفترض أن يلتقي كانيتي وزير البيئة عيسى كلانتري ووزير النفط بيجان نمدار زنقنة. وسيجري المفوض الأوروبي اليوم محادثات مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف.خروج متواصل
وجاء وصول المفوض الأوروبي إلى طهران، بعد يوم من تأكيد بنك دي. زد الألماني، أنه سيوقف تعاملاته المالية مع إيران في يوليو المقبل، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي.وكانت «إيه. بي مولر - ميرسك»، أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، قد قالت الخميس الماضي إنها ستغلق نشاطها في إيران، امتثالا للعقوبات التي أعادت واشنطن فرضها.وكشفت «توتال» الفرنسية الأسبوع الماضي أنها ستنهي أعمالها في إيران، بعد فرض العقوبات الأميركية.في المقابل، أكد رئيس جمعية منتجي المعدات النفطية في إيران، رضا خياميان، أن شركات أوروبية صغيرة أبرمت عقودا للتعاون مع بلاده خلال الأيام الأخيرة، مشيرا إلى أن الشركات الأوروبية الصغيرة التي لا ترتبط بمصالح مباشرة مع الولايات المتحدة ستستفيد من «قانون التعطيل»، ولن تتأثر بالعقوبات الأميركية.وتبلغ قيمة المبادلات التجارية بين إيران والاتحاد الأوروبي 20 مليار يورو. واشترت ايران في 2017 سلعا بقيمة 10 مليارات يورو من الاتحاد الذي بلغت قيمة وارداته 10 مليارات يورو بينها 9 مليارات من النفط.والدول المستوردة الست الرئيسة من إيران في الاتحاد هي إسبانيا وفرنسا وايطاليا واليونان وهولندا والمانيا. وتنتج إيران 3.8 ملايين برميل من النفط يوميا. وتشتري الصين 70 في المئة من إنتاجها وأوروبا عشرين بالمئة.احتجاجات ودعم
في سياق آخر، دان وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مقتل 3 متظاهرين باحتجاجات أهالي مدينة كازرون الإيرانية برصاص قوات الأمن.وقال بومبيو على موقع «تويتر»: «نحن ندعم الشعب الإيراني الذي يحتج على نظام قمعي».وأضاف أن «ثلاثة قتلى وقطع الإنترنت تظهر طبيعة هذا النظام». ويعد هذا أول رد فعل من مسؤول أميركي رفيع المستوى على قمع الاحتجاج السلمي في مدينة كازرون على يد السلطات الإيرانية.من جهته، علَّق وزير الخارجية الهولندي والعضو غير الدائم في مجلس الأمن، ستيف بلوك، الذي يزور في رحلة قصيرة الولايات المتحدة، لشبكة «فوكس نيوز» على التعامل العنيف للسلطات الإيرانية مع المحتجين في كازرون، بالقول إن «المحتجين يجب أن يكونوا أحرارا، وإن الحكومة يجب ألا تكون عنيفة في التعامل».أما المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للسكان فرحان حق، فقال لـ «فوكس نيوز»: «مازلنا لا نملك معلومات مباشرة من مدينة كازرون.. نريد أن نتأكد من أن حق الناس في التجمع السلمي والاحتجاج يتم توفيره من السلطات».ووصل قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني، حسين أشتري، الخميس الماضي إلى مدينة شيراز مركز المحافظة، لاحتواء الموقف ومنع استمرار الاحتجاجات، وسط إعلان الحكومة عن إيقاف تنفيذ مشروع تقسيم كازرون.