طال انتظار فاتن حمامة لرؤية «الحبيب المجهول»، فراحت ترسم له صورة من نسج خيالها: ولد طويل ممشوق القوام، ومفتول العضلات، كما يظهر الظل المسافة بين منكبيه، أسمر اللون، وشعره أسود ناعم، وعيناه ملونتان... تلك الملامح رسمتها بخيالها الخصب، غير أنها راحت تبحث عنها بين أولاد الحي، وكانت كلما رأت ولداً تنطبق عليه تلك الصفات ظنّت أنه هو، فتبتسم ابتسامة ناعمة، وتنظر في الأرض خجلاً وحياء، وتركض إلى بيتها لتدخل غرفتها تفتح النافذة لتجد «الحبيب المجهول» لا يزال هناك في مكانه. إذا كان هو يراها ويراقب تحركاتها من خلف النافذة، فلماذا لا يفتحها لتراه هي أيضاً؟ من المؤكد أن الخجل يمنعه، لكن هل يحبها فعلاً؟ بلا شك، وأكبر دليل على حبه لها، أنه يخشى أن يفتح نافذته فتراها والدتها أو والدها تنظر إليه، فينالها عقاب شديد، وتحرم إلى الأبد من رؤيته، وربما قرّر والدها تغيير المنزل.ذات يوم، بينما كانت فاتن تقف إزاء النافذة في مكانها المعتاد، في انتظار أن يطلّ عليها الحبيب المجهول ولو مرة واحدة، إذ بالنافذة أخيراً تُفتح فجأة وببطء. راح قلب الصغيرة يدّق بسرعة كبيرة، أخيراً سترى «فتى الأحلام» وجهاً لوجه، أخيراً ستلتقي عيناهما، ليس مهماً أن يتحدّث أو يشير إليها بيده، كما تسمع في حكايات الفتيات صديقاتها، يكفي أن ينظر إليها وتنظر إليه، ولا مانع من ابتسامة عابرة، تؤكد بها مشاعرها تجاهه. وفجأة، وفيما تفكر في سر اختبائه خلف النافذة، ينفرج الشباك على مصراعيه، وإذ بخادمة صغيرة تنظّفه، وتنحي جانباً «مِشْجَباً» علق عليه «قميص».
ضحكت فاتن حتى دمعت عيناها، لم تصدق أن «الحبيب المجهول» الذي انتظرته طويلاً، وعاشت الليالي تفكر فيه وتنتظر رؤيته، والذي طالما حكت كثيراً عنه للتلميذات زميلاتها، مثلما يحكين أيضاً لها قصص حبهن، مجرد «قميص فوق مِشْجَب». لذا قررت ألا تحكي لصديقاتها عن خيبة أملها وفاجعتها في فتي أحلامها.
الفنانة المراهقة
مرّت أربع سنوات تقريباً منذ أن أدّت فاتن حمامة دور «أنيسة» في فيلم «يوم سعيد»، وأصبح عمرها 13 عاماً. لم يقدِّم عبد الوهاب أفلاماً بعده، وفي الوقت نفسه رفض الوالد عروضاً أخرى عدة من منتجين ومخرجين آخرين، ليس بسبب عقد الاحتكار الذي وقعه مع شركة أفلام عبد الوهاب، فلم يكن الأخير يمانع أن تعمل فاتن مع آخرين، بل لأنه أراد أن يعيد إليها توازنها. وقبل انتهاء العام الرابع، أرسل محمد كريم إليها يطلبها للمشاركة في فيلم محمد عبد الوهاب الجديد، ولم يكن بإمكان الأب أن يرفض هذه المرة، فوافق فوراً.كان الفيلم الجديد بعنوان «رصاصة في القلب»، مأخوذاً عن واحدة من روايات الأديب توفيق الحكيم، الذي شارك في كتابة حواره مع محمد كريم والسيناريست قدري محمود. تدور أحداثه حول «محسن» ابن العائلة الثرية، المتمرّد حتى على ثراء عائلته، ويقبل بالاستدانة لأنه قرر أن يعمل موظفاً بسيطاً. يلتقي في محل «غروبي» فتاة تجذب انتباهه بجمالها. يذهب يوماً إلى صديقه الدكتور «سامي» ليقترض منه خمسة جنيهات، فيلتقي هناك «فيفي» ويكتشف أنها هي تلك الفتاة التي رآها في «غروبي»، وأنها خطيبة صديقه الدكتور. من ثم، يقرر أن يبتعد عنها بنبل. حتى أنه حين يتعذر على صديقه شراء خاتم الخطبة يهبه محسن خاتماً ثميناً، وهو أغلى ما تركته له والدته، فيما هو يحتاج إلى المال بشدة لينجيه من الحجز على مفروشات بيته، لكنه يرتضي بذلك.تعرف الفتاة بأمر الحجز، فترهن الخاتم لتفكّ أزمة محسن، بعد أن تعرف مدى حبه لها، ويعرف سامي بالأمر ويتأكد أن خطيبته فيفي هي نفسها فتاة «غروبي» التي سبق وحكى له صديقه عنها، فيقرر أن يبتعد عنها، خصوصاً أنه كان يخطبها لحسبها وليس عن حب.قام عبد الوهاب بدور «محسن»، فيما جسدت راقية إبراهيم شخصية «فيفي»، وسراج منير دور صديقه الطبيب «سامي»، وشارك معهم كل من إلهام حسين، ومحمد عبد القدوس، وعلي الكسار، وبشارة واكيم، والممثلة الشابة ليلى فوزي، وأسند محمد كريم إلى فاتن دور الفتاة المراهقة «نجوى» شقيقة «فيفي»:= أنا عارف يا فاتن إن مساحة الدور صغيرة.* مش مهم يا أستاذ كريم كفاية أني أشتغل معاك.= مش هاقولك بقيتي تعرفي تتكلمي، لأنك بتعرفي تتكلمي من يومك... لكن كبرت وبقيتي تعرفي تردي وتجاملي.* صدقني يا أستاذ دي مش مجاملة. دي حقيقة وشرف لأي ممثل يشتغل مع الأستاذ محمد كريم حتى لو مشهد واحد.= وانت ممثلة هايلة جداً... وخلال سنين قليلة هايبقالك شأن كبير في التمثيل.* مرسي يا أستاذ على مجاملتك اللطيفة.= أولاً أنا ما بعرفش أجامل وكلامي ده مش مجاملة إطلاقاً. مش بس لأني عارف قدراتك كويس أوي كممثلة... لكن كمان لأنك ممثلة ملتزمة وبتقدسي شغلك وعارفة انت بتعملي إيه.صوِّر الفيلم وعرض، ونجح نجاحاً كبيراً، غير أن دور «نجوى» لم يكن بمساحة «أنيسة» في «يوم سعيد» نفسها، فلم ينظر إليها الجمهور أو النقاد كثيراً، خصوصاً أنه لم يكن مؤثراً في الأحداث. لكن ما استوقف الجمهور والنقاد والسينمائيين أن طفلة الأمس أصبحت على مشارف مرحلة الشباب.كذلك لم يتوقف الجمهور والنقاد عند دور «نجوى» كثيراً، وفاتن أيضاً، إذ سرعان ما تخطته، على عكس «أنيسة»، ومن دون أن يطلب إليها والدها أو يلفت نظرها أي من المحيطين بها، عادت بسرعة لتنتظم في دراستها. حتى أنها لم تشأ أن تتوقف عند الدور مع زميلاتها في المدرسة، بل راحت تتعامل معهن بشكل أكثر حميمية، واعتبرت النجاح أمراً عادياً، بل أوعزت لكل واحدة من صديقاتها بأنها قادرة على النجاح، في أي مجال تختاره. لم تمثل «الشهرة» لفاتن هذه المرة أي معوّق في علاقاتها مع الآخرين، خصوصاً أن مديرة المدرسة سيدة عصرية، كانت تعتني عناية خاصة بتنشئة تلميذاتها على الرياضة، في الحدود التي تسمح بها التقاليد الشرقية، كذلك كانت تشجع الهوايات النافعة، ومن بينها التمثيل والرقص التوقيعي.
غيرة من النجومية
التحقت فاتن بفريق الرقص التوقيعي حيث أظهرت براعة أدهشت المشرفين عليه، ثم انتقلت إلى فريق التمثيل، فقررت المديرة، باعتبار فاتن الوحيدة بينهن التي مارست التمثيل فعلاً، وبشكل احترافي، أن تسند إليها رئاسة فريق التمثيل، بعد اختيار مسرحية بعنوان «الهادي» لتقديمها في نهاية الفصل الدراسي. كذلك وزّعت مشرفة الفريق الأدوار على فريق التمثيل، وأسندت البطولة إلى فاتن، باعتبارها أكثر صديقاتها خبرة، وفي الوقت نفسه استعانت بالمخرج حسن إبراهيم، أحد مديري التمثيل في المسرح المدرسي الذي أنشأه زكي طليمات لنشر الثقافة المسرحية في المدارس، لتدريب الفريق وإخراج المسرحية.ما إن رأى إبراهيم فاتن حمامة على رأس فريق التمثيل حتى أراد منذ اليوم الأول أن ينتقص من قدرها، ويؤكد عدم تميزها عن زميلاتها، رغم أنها لم تبد أية تصرفات تشير إلى ذلك:= أهم حاجة في المسرح أن الممثّل يبقى حافظ دوره كويس جداً.* طبعاً حضرتك حفظ الدور جداً... لكن ميخلناش ننسى الأداء.= انت اسمك إيه يا شاطرة؟* اسمي فاتن حمامة يا أستاذ.- دي ممثلة معروفة يا أستاذ... ومثلت في فيلمين مع محمد عبد الوهاب ذات نفسه.= كده... طب يا ست يا ممثلة يا معروفة لما أتكلم تسمعي وبس... أنا ماعنديش هنا ممثلين معروفين ولا نجوم... وشغل السيما بتاعكم ده تنسيه هنا خالص... واللي أقوله أنا بس هو اللي يتنفذ. مفهوم!* مفهوم يا أستاذ.= قولتيلي بقى اسمك إيه؟* فاتن أحمد حمامة يا أستاذ.= في فرق كبير يا ست فاتن بين التمثيل بشكل عشوائي لأي حد... وبين التمثيل على أسس علمية للدارسين في معهد التمثيل... ولا ماسمعتيش عن معهد التمثيل. بدأ المخرج حسن إبراهيم تمرينات مسرحية «الهادي» مع فريق تمثيل المدرسة، وفق الأدوار التي وزّعتها المشرفة سابقاً، على أساس أن تقوم فاتن بالبطولة، غير أنها فوجئت بعد بروفات عدة بالمخرج ينزع منها الشخصية الرئيسة ويسندها إلى فتاة أخرى، من دون سبب واضح، ما أغضبها جداً، ليس لتمسكها بالدور، أو تميزها بين أقرانها، بل لأنها أجادت في التمرينات، ولا دافع يجعل المخرج يتصرف بهذا الشكل. من ثم، اضطرت لأول مرة أن تشكو الأمر إلى مديرة المدرسة، التي أيدت وجهة نظر فاتن، وحاولت أن تثني المخرج عن قراره، لكنه تمسك برأيه، مؤكداً صحة اختياره بحجة أن عمر فاتن أصغر باعتبارها في الصف الأول، فيما الفتاة التي أسند إليها الدور في الصف الثالث الثانوي، فضلاً عن أن جسد فاتن ضئيل، ولا يتناسب مع شخصية البطلة التي تحتاج قامة أطول. فما كان من فاتن، إزاء إحساسها بالظلم، إلا أن اعتذرت عن عدم الاستمرار في فريق التمثيل. أقيم الاحتفال وعرضت المسرحية من دون أن تشارك فيها فاتن، وفي اليوم التالي اجتمعت التلميذات في فترة «الفسحة» فراحت الممثلة تقول رأيها الصريح في المسرحية، وانتقدت التمثيل نقداً دقيقاً صارماً. كذلك انتابتها حماسة مفاجئة، فراحت تثبت لزميلاتها بالأداء كيف كان على شخصية البطلة أن تكون. ليس هذا فحسب، بل حوّلت المسرحية من عرض عادي إلى ما يشبه المونودراما، مؤدية الأدوار كافة، بما فيها الثانوية والخدم. وما إن انتهت من التمثيل حتى فوجئت بعاصفة من التصفيق. التفتت حولها لتجد الطالبات والمدرسات جميعاً قد تجمعن حولها، لكن لفرط اندماجها في التمثيل لم تشعر بهن إلا لحظة انتهائها، فيما كانت مديرة المدرسة تراقب المشهد، وعلى وجهها علامات السعادة، ثم خطت تجاه فاتن، وقبلتها وهمست في أذنها: «خدي بالك من نفسك... انت بكرا حتبقى ممثلة كبيرة يا فاتن».شعرت فاتن بنشوة كبيرة، ورغم قرارها الذي حرمها من الاحتفال، فإن ما حصلت عليه من تشجيع مديرة المدرسة، كان كافياً لتعود إليها ثقتها في نفسها، التي حاول أن ينزعها منها مخرج المسرحية. ورغم ما فعله معها، فإنها لم تستطع أن تحقد عليه أو تكرهه، فهو لفت نظرها إلى أمر مهم لم تكن تضعه في حسبانها، وهو الدراسة المتخصصة بالتمثيل، في معهد التمثيل الذي أنشأه الفنان زكي طليمات.معهد التمثيل
فاتحت فاتن والدها في أمر الدراسة في معهد التمثيل، ولم تجد منه معارضة، بل أشفق عليها لأن ذلك سيمثِّل عبئاً ثقيلاً عليها، فهي لا تزال في مرحلة الدراسة الثانوية التي تتطلب بمفردها مجهوداً كبيراً، فكيف ستقسم الوقت بينها وبين الدراسة في المعهد؟لكنها أقنعته بأنها قادرة على فعل ذلك، فاضطر إلى أن ينزل عند رغبتها. عندما ذهب لتسجيلها في المعهد فوجئ بأن سن الالتحاق به 16 عاماً، فيما هي لم تبلغ 14 عاماً بعد. غير أن إدارة المعهد اقترحت عليه أن تلتحق ابنته في «القسم الليلي» من المعهد، حيث يدرس عدد من الطلبة والطالبات الملتحقين بكليات أخرى، وبعض من يحترفون التمثيل، ويريدون صقل مواهبهم بالدراسة.وافقت فاتن فوراً، خصوصاً أن ذلك يتوافق وظروف دراستها الثانوية، فكان عليها أن تذهب إلى «مدرسة الأميرة فوقية» صباحاً، ثم تعود إلى البيت عصراً في «المنيرة» لتبديل ملابسها والذهاب إلى معهد التمثيل في شارع «نوبار» بالقرب من عابدين. وبدأت مرحلة جديدة في حياتها الفنية، تقوم على دراسة التمثيل أكاديمياً على يد مجموعة من أساتذة التمثيل والإخراج، على رأسهم الرائد زكي طليمات، الذي سعد بوجود فاتن في المعهد مع طلبة شبه محترفين، ومن أعمار مختلفة، بعضهم انتهى من دراسته الجامعية، والبعض الآخر لا يزال في مرحلة الدراسة، وآخرون يخوضون تجربة الدراسة للمرة الأولى. لكن المؤكد أن معظمهم يعمل فعلاً سواء في المسرح أو السينما، من بينهم فريد شوقي، وشكري سرحان، وحمدي غيث، وسميحة أيوب، وعمر الحريري، ونعيمة وصفي، وسعيد أبو بكر...كانت فاتن أصغرهم سناً، ما جعل مدير المعهد الفنان والمخرج زكي طليمات، يوليها اهتماماً خاصاً. حتى أنه راح يدربها بعيداً عن بقية الزملاء على نطق حرف «الراء» إذ كانت لا تزال تعاني «لثغة» فيه، حتى استطاعت خلال أشهر قليلة التخلّص منها تماماً.كانت المهمة شاقة جداً، دراسة في المدرسة الثانوية نهاراً، ثم في معهد التمثيل ليلاً، ليضاف إليهما عبء جديد آخر، فهي في الوقت نفسه ممثلة محترفة، ومن الوارد جداً أن يعرض عليها أي منتج أو مخرج العمل معه في أي فيلم. رأى والدها أن تؤجل ذلك إلى حين الانتهاء من الدراسة، لكن فاتن أقنعته بأن بإمكانها ذلك إن اعتمدت على تنظيم وقتها. لذا لم تتردد عندما عرض عليها المخرج عبد الفتاح حسن المشاركة في «أول الشهر» من بطولة حسين صدقي، والممثلة والمطربة الشابة صباح التي أتت بها المنتجة آسيا من لبنان لتصنع منها بطلة سينمائية، وشاركهما كل من المطرب والموسيقي الفلسطيني حليم الرومي، وزوزو شكيب، وبشارة واكيم، وزينب صدقي، وماري منيب، فيما تولى التأليف والإخراج عبد الفتاح حسن، لينجح الفيلم في إعادة فاتن حمامة، الفتاة المراهقة، إلى الخريطة السينمائية، وإلى أعين الجماهير.وكانت جرت العادة أن يأتي المخرجون والمنتجون بفنانين جدد من لبنان وسورية وفلسطين، لاكتشافهم وتقديمهم، وسرعان ما يصبحون نجوماً في أعمالهم التالية، وبعد أن اكتشف يوسف وهبي الفنانة اللبنانية ألكسندرا نقولا بدران، وأطلق عليها اسم «نور الهدى» وقدمها في فيلم «جوهرة» عام 1943، أراد أن يكرر الأمر نفسه عندما وقعت عيناه على الحسناء اللبنانية «مرتا أجبع»، نظر إليها من أسفل إلى أعلى وقال لها: «انت من اليوم هاتدخلي الفن من أوسع أبوابه، من اليوم هاتبدئي مشواراً من المجد والشهرة.. من اليوم أصبح اسمك كهرمان».كان يوسف وهبي يستعد لتقديم فيلم «ملاك الرحمة» من تأليفه وإخراجه، ومن إنتاج نحاس فيلم. وكانت إشارته إلى أي وجه جديد، تعني بوضوح بأن لدى الأخير موهبة كبيرة. بدأ فعلاً يصرح للصحف والمجلات بأخبار حول «القنبلة الفنية» الكبيرة التي سيفجرها من خلال فيلم «ملاك الرحمة» والتي لا تزال في مرحلة الإعداد. وبدأت صور «كهرمان» تملأ الصحف والمجلات، بمجرد أن أحضرها إلى القاهرة، وأشارت الإعلانات إلى أنها ستكون نجمة الموسم في أفلام يوسف وهبي، وفجأة من دون مقدمات توقف ذلك كله... اختفت صورها من الإعلانات، وأصبحت تصريحات وهبي حولها غير واضحة أو مفهومة، خصوصاً بعد عودة «كهرمان» أو «مرتا أجبع» إلى بيروت، من دون تذكرة رجوع.ربما أخفق في تحويل الحسناء إلى ممثلة موهوبة. كانت تتمتع بوجه جميل يبعث على البهجة والسرور، لكنه عبثاً حاول تحويله إلى «وجه سينمائي»، رغم أنها سجلت أُغنية بصوتها بعنوان «العب يا سمك» كان من المفترض أن تغنيها ضمن أحداث الفيلم، باعتبارها مطربة بالأساس، ما جعلها تهتم بالغناء في المقام الأول. لكن يبدو أن الدعاية التي قام بها وهبي لصالحها، أتت معها بنتيجة عكسية، فصدقت أنها نجمة الفيلم، ولا بد من مراعاة ذلك في حجم دورها، فما كان منه إلا أن استغنى عنها. ولكن عزّ عليه الاعتراف بالهزيمة، فقرر أن يبحث عن وجه آخر يقدّمه من خلال «ملاك الرجمة» الذي توقف تصويره إلى حين العثور على تلك الممثلة. وهنا لفتت بطلة الفيلم راقية إبراهيم نظره إلى وجه قديم جديد.البقية في الحلقة المقبلة