• في مستهل الحوار، ما ملامح بدايتك الفنية مع الأغنية؟- عندما يمتلك الإنسان موهبة ما فإن الأقرب له هو من يلمسها ويشجعه على المضي قدما ليعبّر عنها ويبرزها للعلن، وهذا ما حدث معي عندما كنت أغني في جلسات الأصدقاء، حيث وجدت منهم كلمات إطراء وتشجيع كبيرة، صوتك جميل، امض قدما في هذا الطريق، تملك الأدوات، ولديك الموهبة والقدرة على إثبات الذات، جميعها عبارات خرجت من قلوب محبة، ووجدت طريقها إلى عقلي وشجعتني على التجربة، في البداية كنت أغني لكبار المطربين المصريين، مثل كوكب الشرق أم كلثوم، والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وغيرهما، إلى جانب بعض الأغنيات العراقية التي كانت تصلنا سريعا لقرب البلدين، في حين كنا نتلقى الأغنيات المصرية من أفلام السينما، على عكس الوضع حاليا من مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في انتشار الأغنيات وتقارب الثقافات.
ملتقى المبدعين
• هل كان برنامج "ركن الهواة" محطة مهمة في حسم خيارك للغناء؟- بالفعل خلال حقبة الستينيات، وتحديدا في 1961 كان برنامج ركن الهواة ملتقى للمبدعين والفنانين الموهوبين نجلس ونتبادل أطراف الحديث حول شتى أمور الفن والحياة، وكان مقصد شتى أطياف المجتمع كذلك العديد من الأشقاء العرب هناك الجميع يغني والأصوات تلتقي على حب الفن من خلفيات ثقافية مختلفة، تجد هناك المصري واللبناني والسوري والعراقي كل من يستشعر في نفسه الموهبة والقدرة عن التعبير عما في داخله من مشاعر وأحاسيس بصوته يقصد "ركن الهواة"، وكانت هناك لجنة تستمتع إلى من يتطلع للغناء، وأتذكر أن عازف العود فوزي جمال كان يحفظ أغلب الأغنيات المصرية والخليجية، ويعزفها لكل المتقدمين، وإذا أراد أحد المتقدمين أن يشدو بأغنية جديدة كان يطلب منه تأجيل اختباره إلى أن يحفظها، وتقدمت لـ "ركن الهواة" بمعية العديد من الزملاء، واخترت واحدة من أغنيات الفنان غريد الشاطئ لأقدمها، وهي "جودي" التي وثقت ظهوري الإعلامي الأول وبعدها نتعرف على النتيجة من خلال البريد، حيث ترسل اللجنة إلى المتقدمين ممن حالفهم الحظ خطابات لإعلامهم بالنتائج، وكنت ممن وقع عليهم الاختيار.• وكيف كان شعورك حينها؟- تواصلوا معي لتسجيل أغنية، ورغم أنها تعد الخطوة الأولى على الدرب، غير أنني لم أذهب، حقيقة لم أصدق الأمر وانخرطت في حياتي العادية، وبعد عام تقريبا، وبسبب إلحاح من حولي قررت مراجعة "ركن الهواة" مجددا، مستندا إلى الخطاب الذي وصلني، وبالفعل استقبلوني هناك بترحاب كبير، وعرضوا عليّ أن أسجل أغنية مع أحد الملحنين المعتمدين من الإذاعة، ولكن آثرت أن أتعاون مع صديقي الذي كان يرافقني في الحل والترحال، الملحن عبدالرحمن البعيجان، لصداقته، فضلا عن تميزه وإجادته التلحين، وبالفعل استمعوا للحن فأعجبوا به، وكانت الأغنية بعنوان "ليش تنسى الأيام"، وكانت بدايتي مع البعيجان الذي أصبح فيما بعد من كبار الملحنين الخليجيين والعرب، وسجلت الأغنية في استديو الموسيقى في إذاعة الكويت عام 1963 من تأليف وألحان البعيجان، وعام 1964 بدأت الغناء، ولكنني كنت أشدو بأعمال عدة لمطربين آخرين خليجين وعرب.سبب الشهرة
• ما هي الأغنية التي كانت سبب شهرتك عند الجمهور؟- قدمت العديد من التجارب، لكن الأغنية التي لاقت استحسان الجمهور، وكانت سبب شهرتي هي "وايد وايد"، من كلمات الشاعر خليفة العبدالله، ومن ألحان عبدالرحمن البعيجان، وسجلتها في القاهرة عام 1965، ولاقت استحسان الجمهور، وتناقلها البعض، حينها كانت الأغنية هي بطاقة تعريف الفنان عن نفسه، حيث لم أكن معروفا كشكل عند الناس، أسير في الطرقات لا يعرفني أحد، عكس الوضع حاليا، وسائل التواصل والإعلام تساهم في انتشار وشهرة أي إنسان في لمح البصر، بينما قديما كانت الأسماء فقط هي المعروفة "مصطفى أحمد" أو "غريد الشاطئ"، ولعل هذا كان التحدي الأكبر أن يفرض الفنان وجوده على المشهد الفني من خلال ما يقدمه من أعمال هي التي تعد جواز سفره إلى قلوب الجمهور، لذلك كان الحرص والاجتهاد والانتقاء سر نجاح أي فنان يملك الموهبة.• حدثنا عن كواليس تسجيل "وايد وايد".- عن طريق المصادفة، لكنها كانت أغرب مصادفة، إذ حققت نجاحا كبيرا، خلال وجودي في مصر بمعية الملحن عبدالرحمن البعيجان، رحمة الله عليه، عرض عليّ تسجيل لحن كان قد أنجزه أخيرا، لكنني كنت مترددا قليلا، خصوصا أن الوضع في مصر مختلف، الفرقة هناك كانت تضم أساتذة كبارا، تعاوناتهم كلها كانت مع نجوم لهم أسماؤهم، مثل عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهما، لكن وفقنا في تسجيل الأغنية، وبالفعل لاقت استحسان الجمهور، ومازال بعض المطربين يقدمونها في حفلاتهم بناء على طلب الجمهور، وتقول كلمات الأغنية: وايد وايد منك يا غاليزايد زايد اللي جراليخل التجافي خليك وافيماكو على الوديا عمري لا تصدوالنظرة منك يا روحي كافيأول أجر
• وما أول أجر تقاضيته عن أغنيتك الأولى في الإذاعة؟- كان بين 10 و20 دينارا، وفي ذلك الوقت كان هذا المبلغ يعني الكثير، وعلى المستوى الشخصي لم أبال بالمقابل المادي، وإنما حب الفن هاجسي الذي حركني للانخراط في هذا المجال، كنت ومازلت هاويا للفن، لا ألتفت إلى أي شيء آخر سوى حب الفن، لم يعرف الاحتراف طريقه إلى قلوبنا حينها، لأننا عشقنا الفن، وقدمنا له الكثير، رغم أن لكل منا حياته وعمله.• هل اختلفت النظرة للفن حالياً؟- نعم، وأصبحت المادة هي الهاجس الأول عكس جيلنا، كنا نحيي حفلات، ونقدم أعمالا دون مقابل مادي حبا في الفن، وعندما أسجل أكثر من عمل للإذاعة أفاجأ باتصال من الصندوق لتسلم مكافأة عما قدمته.• هل كانت للغناء حينها ومواجهة الجمهور رهبة وحسابات خاصة مثل تقبّل المجتمع أو الأهل؟- بالتأكيد كانت للغناء رهبة كبيرة، وعندما طرقت أبواب الفن كمطرب لم يرض أهلي عن هذه الخطوة، واجهت مشكلات عدة، خصوصا أن الوالد ما كان ليقبل، وغنيت دون علمه، خصوصا أن الإذاعة كانت المنبر الوحيد، وكان اهتمامه - رحمة الله عليه - بإذاعة القرآن الكريم فقط، لذلك لم يعرف في البداية، الآن تغيّر الوضع تماما مع الانفتاح وتلاقح الثقافات أصبح الأهل يشجعون الأبناء على خوض هذه التجربة، سواء دخول مجال الفن أو الرياضة.الجلسات الشعبية
• أنت من عشاق الجلسات الشعبية؟- بالفعل، وأذكر أن أول جلسة سجلتها كانت خلال الستينيات بالتعاون مع شركة صوت وصورة، طلبوا مني تسجيل جلسة شعبية عام 1968 حينها استعنت بمجموعة من الزملاء العازفين في الإذاعة، بينما سجلت الجلسة الثانية في أواخر السبعينيات مع الفنان أحمد باقر، وقدمت فيها الأغنيات الناجحة التي حققت ردود أفعال طيبة مع الجمهور، مثل "تو الناس" و"سرى ليلي"، و"ما درينا بك"، وسلجنا هذه الجلسة للكاسيت وطرحت في الأسواق بينما للإذاعة والتلفزيون قدمت جلسات عدة.• ماذا يميز جيلكم عمن جاء بعدكم من مطربين؟- أنتمي إلى جيل الستينيات، وسبقنا أساتذة يغنون الصوت والسامري، عبداللطيف الكويتي ومحمود الكويتي وسعود الراشد وعوض الدوخي، هؤلاء جمعهم السامري والصوت، وهي أغنيات صعبة الفهم إلا عند أهل الخليج، بينما جاء شادي الخليج ليقدم الأغنية العاطفية المعروفة عربيا والمفهومة عند أي مجتمع مثل "حبيبي راح وخلاني"، و"ليش ليش يا ظالم ليش"، أما غريد الشاطئ فقد استحدث لونا آخر مثل "جودي لا تهجريني"، ثم جاء صالح الحريبي وعبدالمحسن المهنا، وصولا إلى الجيل الذي أنتمي إليه، والذي ضم عبدالكريم عبدالقادر وحسين جاسم ويحيى أحمد وثابت محمد، هذه مجموعة الستينيات استمرينا حتى الغزو الغاشم، ومن ثم انفرط عقد الفرقة الموسيقية، وعقب الغزو لمع نجم أسماء أخرى مثل عبدالله الرويشد ونبيل شعيل ونوال، لذلك يمكن القول إن كل مرحلة لها ما يميزها من لون غنائي، بينما حاليا تظهر مجموعة من الشباب يقدمون أغنيات "الله يستر منها".الستينيات والسبعينيات... العصر الذهبي للأغنية الكويتية
أكد الفنان مصطفى أحمد أن فترة الستينيات والسبعينات من القرن الماضي كانت العصر الذهبي للأغنية الكويتية، وقال: «أعتقد أن الفترة من 1968 - 1976 كانت العصر الذهبي للأغنية الكويتية والخليجية بشكل عام، فلا يمكن أن نجتزئ الكويت عن محيطها الخليجي، مجتمع واحد وعادات وتقاليد واهتمامات مشتركة، غير أن المستمع كان يستطيع أن يفرق بين الأغنية الكويتية ونظيرتها في دول الخليج، لكل أغنية قالب تعرفها من مطلعها، في حين اختلف الوضع تماما الآن، ومع الأسف انعكس التطور الكبير بالسلب على هوية الأغنية الخليجية بشكل عام وضاعت ملامحها.
10 ألبومات والعديد من الأغنيات الوطنية
قدم الفنان مصطفى أحمد على مدار مشواره الفني 10 ألبومات والعديد من الأغنيات الوطنية المنفردة التي تعاون فيها مع نخبة من نجوم الكلمة واللحن حينها، ومازالت تردد عبر أثير إذاعة الكويت، وقال الفنان القدير عن رصيده الغنائي: «في مكتبتي 10 ألبومات من إنتاج شركات خاصة مثل رومكو، النظائر، الصوت والصورة، شركة «سهر»، وشاركت فيها الفنان أحمد باقر، وأنتجت فيها شريطين، ولحن لي الأساتذة أحمد باقر، ويوسف المهنا، وسليمان الملا، وغنام الديكان، وكانت آخر أعمال الملحن سليمان الملا معي أغنية «ولهان» ومجموعة ملحنين آخرين، والمرحوم خالد الزايد والمؤلفين يوسف ناصر، ومبارك الحديبي.
كلمات أغنية ترى الليل
ترى الليل عودنيترى الليل عودني على النوح والسهريذكرني بياع الهوى يوم أنا شاريعشيرٍ صفالي بالهوى والهوى أمر أحبه وأداري الود وكم بحت له أسراريتصبرت ولكني حشا ما أقدر الصبرعلى الهجر من خل تغير عن أشواريتولعت وما أدري عن الحب به كدرأحسب الغضي يداري الهوى مثل ما أداريأمر كل يومٍ حول بيت الغضي أمرعساني أشوفه ساعةٍ وأسأل إش جاريعليلٍ على فرقاه ومن ضيقة الصدرتراني أهيم الليل ومشرد أفكاري