لست متفائلا بإقرار اللجنة التشريعية في مجلس الأمة تعديلات قانون مهنة المحاماة، مادامت تلك التعديلات لم تنل من شروط الانضمام الى مهنة المحاماة، والتي منها السماح لخريجي كلية الشريعة بالقيد في مهنة المحاماة، أو السماح لمن يعمل بالأعمال النظيرة بالعمل بعد تركه لوظيفته مباشرة بالمحاماة، أو السماح لأساتذة الحقوق بمن هم حاصلون على درجة استاذ مساعد بالانضمام الى المهنة، وهي برأيي شروط مفصلية على مستقبل المهنة، ولا قيمة لأي تعديلات أخرى تمنح امتيازات للمهنة، دون حسم قضية ضوابط القبول!يعلم أعضاء اللجنة التشريعية في المجلس ورؤساء مجالس إدارات الجمعية ممن استعانت اللجنة بآرائهم ان خريجي كلية الشريعة، مع كل التقدير لمؤهلاتهم، لم يخضعوا لدراسة كل مواد القانون، إلا أجزاء بسيطة جدا، ولا يمكن مقارنتها بالمواد التي اجتازها خريجو الحقوق، ولذا كان يتعين على اعضاء اللجنة وقف قبول خريجي الشريعة في مهنة المحاماة، أو إلزامهم باجتياز دورة مدتها ستة أشهر على الاقل في معهد المحاماة قبل القيد بالمهنة.
والحال كذلك فيما يتعلق بمن يرغب في الانضمام للمحاماة، وهو من كان يمارس أعمالا نظيرة لمهنة المحاماة كالقضاة او المحققين او محامي الفتوى، ومن مارس عملا من اعمال القانون كالمحققين والباحثين في الادارات القانونية بألا يسمح لهم بفتح مكتب للمحاماة الا بعد مضي سنتين على الاقل، فمن غير المقبول ان من يتقاعد من اي من الجهات الحكومية او الخاصة له ان يفتح مكتبا للمحاماة دون ان يتأهل لعمل المحاماة بذريعة «الأعمال النظيرة»، والتي يجب ان تكون مرتبطة بالدرجة لا بفتح مكتب للمحاماة، والذي لا يصح القيام به الا بعد مضي سنتين على الاقل من العمل بمكتب للمحاماة، ضمانا لجدية الراغبين في العمل بمهنة المحاماة.أما المسألة الثالثة، وهي استمرار قبول الاساتذة المساعدين من كلية الحقوق أو الاقسام القانونية في الجامعات او الهيئات الأخرى؛ بذريعة أن قبولهم يهدف الى اثراء مهنة المحاماة بالباحثين، فهذا يتطلب من المشرع إثراء المهنة ممن هم حاصلون على درجة استاذ دكتور، لا أستاذ مساعد، إذا كانت الفلسفة من اشراكهم هي اثراء المهنة بالبحث العلمي!بينما القضية التي يتعين أن يتشدد فيها القانون، فهي عدم قبول أي شهادات من اي جامعات تسمح بمعادلة الشهادات وأن يكون المقبول في مهنة المحاماة هم الحاصلين على درجة الحقوق بعد اجتيازهم لدراسة الأربع سنوات كاملة، فمن غير المقبول ان تعادل شهادات سنتين دبلوم تجاري بشهادة الحقوق، بعد دراسة عامين فقط بإحدى كليات الحقوق، اي ان كل ما درسه الخريج في القانون هو دراسة سنتين فقط، وتأتي الجمعية وتسمح بقبوله لأنه حاصل على شهادة الحقوق!ثم نأتي للمسالة الأخيرة، وهي عدم قبول خريجي الجامعات ذات نظام الدراسة المفتوح، وذلك لعدم اعتراف العديد من نقابات المحاماة بهذا النظام في عدد من الدول العربية، لعدم سلامته من الناحية الاكاديمية وعدم قبول خريجي تلك الجامعات بهذا النظام في مهنة المحاماة، حتى لا تكون المهنة غطاء لقبول شهادات الخريجين، مهما كانت الأنظمة التي اجتازوا الدراسة فيها!أخيراً، فإن التفكير في تطوير مهنة المحاماة لا يكمن في النظر فقط في الأحكام التي ترفع من حقوق المحامي وضماناته، بل والالتزامات الملقاة على عاتق المحامي، فضلا عن ان التفكير بتطوير المهنة يكمن في وضع ضوابط للملتحقين بها، بعيدا عن النفَس أو الرصيد الانتخابي الذي أضاع المهنة منذ سنوات، وقد يستمر في تدميرها إذا كان كل عمل يخفي خلفه مكاسب انتخابية!
مقالات
مرافعة : قانون المحاماة الجديد!
22-05-2018